(وَلا نِسائِهِنَ) أي : نساء المؤمنات ، فلا حجاب عليهن ، (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) من العبيد والإماء. وقيل : من الإماء خاصة ، وأما العبيد فهم كالأجانب. وهو المشهور ، (وَاتَّقِينَ اللهَ) فيما أمرتن به من الحجاب ، وما نزل فيه الوحى من الاستتار ، واحتطن فى ذلك. ونقل الكلام فيه من الغيبة إلى الخطاب لشدة التهديد ، ولذا قال : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) ؛ عالما ؛ يعلم خطرات القلوب وهواجسها ، فيعاتب عليها.
الإشارة : ما قيل فى أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم يقال فى نساء المشايخ والعلماء ، فتحتجبن من جميع الخلق ، إلا من محارمهن ، ولا يمنعهن من إدخال محارمهن عليهن إلا جامد أو جاهل ، ولا ينبغى لأحد أن يمنع زوجه من لقاء محرمها والدخول عليها إلا لفساد بيّن. وبالله التوفيق.
ثم أمر بالصلاة على رسوله صلىاللهعليهوسلم وحضّ عليها ، بعد أن أمر بتعظيمه واحترامه ، فقال :
(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦))
يقول الحق جل جلاله : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) ؛ يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه. وقال صاحب المغني : الصواب عندى : أن الصلاة لغة بمعنى واحد ، وهو العطف ، ثم العطف بالنسبة إلى الله تعالى : الرحمة ، وإلى الملائكة : الاستغفار ، وإلى الآدميين : دعاء. واختاره السّهيلى قبله. والمراد بالرحمة منه تعالى غايتها ، وهو إفاضة الخير والإحسان ، لا رقة القلب ، الذي هو معنى الرحمة حقيقة. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) أي : قولوا : اللهم صلّ على محمد ـ أو : صلى الله على محمد. (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي : قولوا : اللهم سلّم على محمد ، أو : صلّ وسلّم على محمد ، أو : انقادوا لأمره وحكمه ، انقيادا كليا.
وعن كعب بن عجرة : قلنا : يا رسول الله ، أما السلام عليك ، فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟ قال : «قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صلّيت على ابراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهمّ بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد» (١). ومعرفتهم السلام من التشهد. والصلاة على غير الأنبياء
__________________
(١) أخرجه البخاري فى (التفسير ـ سورة الأحزاب ، باب : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) ح ٤٧٩٧).