الخمط : الحامض المر من كل شىء ، وكل نبت أخذ طعما من مرارة وحموضة ، وشجر كالسدر ، وشجر قاتل ، أو كل شجر لا شوك له. ه. وقرأ البصريان بالإضافة ، من إضافة الشيء إلى جنسه ، كثوب خز ؛ لأن المراد بالأكل المأكول ، أي : ذواتى ثمر شجر بشيع. والباقون : بالتنوين ، عطف بيان ، أو صفة ، بتأويل خمط ببشيع ، أي : مأكول بشيع. (وَأَثْلٍ) ؛ هو شجر يشبه الطرفاء ، أعظم منه ، وأجود عودا. (وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ). والحاصل أن الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة ، وأنبت مكانها الطرفاء والسدر. وإنما قال : السدر ، لأنه أكرم ما بدلوا به ؛ لأنه يكون فى الجنان.
(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) أي : جزيناهم ذلك بكفرهم ، فذلك مفعول مطلق بجزينا ، وهل يجازى (١) هذا الجزاء الكلى (إِلَّا الْكَفُورَ) أي : لا يجازى بمثل هذا الجزاء إلا من كفر النعمة ولم يشكرها ، أو : كفر بالله ، أو هل يعاقب ؛ لأن الجزاء وإن كان عامّا يستعمل فى معنى المعاقبة ، [وفى معنى الإثابة] (٢) لكن المراد الخاص ، وهو المعاقبة. قال الواحدي : وذلك لأن المؤمن يكفر عنه سيئاته ، والكافر يجازى بكل سوء عمله. قلت : بل الظاهر المجازاة الدنيوية بسلب النعم ، ولا تسلب إلا للكفور ، دون الشكور. قاله فى الحاشية.
وعن الضحاك : كانوا فى الفترة التي بين عيسى ومحمد ـ عليهماالسلام. ه. قلت : ولعلهم استمروا من زمن سليمان إلى أن جاوزوا زمن عيسى عليهالسلام.
الإشارة : لكل مريد وعارف جنتان عن يمين وشمال ، يقطف من ثمارهما ما يشاء ؛ جنة العبودية ، وجنة الربوبية ، جنة العبودية للقيام بآداب الشريعة ، وجنة الربوبية للقيام بشهود الحقيقة ، فيتفنن فى جنة العبودية بعلوم الحكمة ، ويتفنن فى جنة الربوبية بعلوم القدرة ، وهى أسرار الذات وأنوار الصفات. كلوا من رزق ربكم حلاوة المعاملة فى جنة العبودية ، وحلاوة المشاهدة فى جنة الربوبية ؛ بلدة طيبة هى جنة الربوبية ؛ إذ لا أطيب من شهود الحبيب ، ورب غفور لتقصير القيام بآداب العبودية ؛ إذ لا يقدر أحد أن يحصيها ، ولا جزءا منها. فأعرض أهل الغفلة عن القيام بحقهما ، ولم يعرفوهما ، فأرسلنا على قلوبهم سيل العرم ، وهو سيل الخواطر والوساوس ، وخوض القلب فى حس الأكوان ، فبدلناهم بجنتيهم جنتين ؛ مرارة الحرص والتعب ، والهم والشغب. ذلك جزيناهم بكفرهم بطريق الخصوص من أهل التربية ، وهل يجازى إلا الكفور.
__________________
(١) قرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص ، ويعقوب (وهل نجازى) بنون العظمة وكسر الزاى ، ونصب «الكفور». وقرأ الباقون (يجازى) بالياء المضمومة ، وفتح الزاى ، ورفع الكفور. انظر الإتحاف (٢ / ٣٨٥).
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة ليست فى الأصول. وأثبته لاقتضاء السياق له.