رؤوسهم ، والحلل على أجسادهم ، وتقرب إليهم خيل من نور الجنة ، عليها سرج المسك الأذفر ، ألجمتها من اللؤلؤ والياقوت ، فيركبونها ، وتطير بهم على الصراط ، ويجوز فى شفاعة كل واحد منهم مائة ألف ممن استوجب النار ، وينادى مناد : هؤلاء أحباء الله ، الذين قرأوا كتاب الله ، وعملوا به ، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ه.
(إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) ، غفور لهفواتهم ، شكور لأعمالهم ، يعطى الجزيل ، على العمل القليل.
(وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) أي : القرآن ، و «من» : للتبيين ، (هُوَ الْحَقُ) لا مرية فيه ، (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) ؛ لما تقدمه من الكتب ، (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) ؛ عالم بالظواهر والبواطن ، فعلمك وأبصر أحوالك ، ورآك أهلا لأن يوحى إليك هذا الكتاب المعجز ، الذي هو عيار على سائر الكتب.
الإشارة : كل ما ورد فى فضل أهل القرآن ، فالمراد به فى حق من عمل به ، وأخلص فى قراءته ، وحافظ على حدوده ، ورعاه حق رعايته. وقد ورد فيمن لم يعمل به ، أو قرأه لغير الله ، وعيد كبير ، وورد أنهم أول من يدخل جهنم. قال شيخ شيوخنا ، سيدى عبد الرحمن الفاسى ، بعد ذكر الحديثين فى فضل حامل القرآن : وهذا مقيد بالعمل ، أي : فإنّ منزلتك عند آخر آية مما عملت ، لا مما تلوت بلسانك وخالفت بعملك ؛ لأنه لو كان كذلك لا نخرقت أصول الدين ، ويؤدى إلى أن من حفظ سرد القرآن اليوم ، يكون أفضل من كثير من الصحابة الأخيار ، والصالحين الأبرار ؛ فإن كثيرا من خيارهم مات قبل حفظ جميعه. ه.
ثم فصّل أحوالهم ، فقال :
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥))