المحاضرة ، والمقتصد : صاحب المكاشفة ، والسابق : صاحب المشاهدة. وبعضهم قال : يراه الظالم فى الآخرة فى كل جمعة ، والمقتصد : فى كل يوم مرة ، والسابق : غير محجوب عنه البتة. ه. باختصار.
والتحقيق : أن الأقسام الثلاثة تجرى فى كل من العارفين ، والسائرين ، والعلماء ، والعباد ، والزهاد ، والصالحين ؛ إذ كل فن له بداية ووسط ونهاية. ذلك السبق إلى الله هو الفضل الكبير ، جنات المعارف يدخلونها ، يحلّون فيها فيها من أساور من ذهب ، وهى الأحوال ، ولؤلؤا ، وهى المقامات ، ولباسهم فيها حرير ، وهى خالص أعمال الشريعة ولبها. وقالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ؛ إذ لا حزن مع العيان ، ولا أغيار مع الأنوار ، ولا أكدار مع الأسرار ، ما تجده القلوب من الأحزان فلما منعت من العيان. ولابن الفارض رضي الله عنه فى وصف الخمرة :
وإن خطرت يوما على خاطر امرئ |
|
أقامت بها الأفراح وارتحل الهمّ |
وقال أيضا :
فما سكنت والهمّ يوما بموضع ، |
|
كذلك لم يسكن مع النغم الغمّ (١) |
إنّ ربنا لغفور بتغطية العيوب ، شكور بكشف الغيوب ، الذي أحلنا دار المقامة ، هى التمكين فى الحضرة ، بفضله ، لا بحول منا ولا قوة ، لا يمسنا فيها نصب. قال القشيري : إذا أرادوا أن يروا مولاهم لا يحتاجون إلى قطع مسافة ، بل هم فى غرفهم يشاهدون مولاهم ، ويلقون فيها تحية وسلاما ، وإذا رأوه لا يحتاجون إلى تحديق مقلة من جهة ، كما هم يرونه بلا كيفية. ه.
ثم ذكر أضدادهم ، فقال :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧))
__________________
(١) فى الأصول الخطية : [كذلك لا يسكن مع النعم الغم].