قال الورتجبي : قيل : الياء تشير إلى يوم الميثاق ، والسين تشير إلى سره مع الأحباب ، فقال : بحق يوم الميثاق ، وسرى مع الأحباب ، وبالقرآن الحكيم ، إنك لمن المرسلين يا محمد ه ..
وجاء : «إن قلب القرآن يس ، وقلبه : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)» (١). قلت : وهو إشارة إلى سر القربة ، الداعي إليه القرآن ، وعليه مداره ، وحاصله : تسليم الله على عباده كفاحا ، لحياتهم به ، وأنسهم بحديثه وسره. وقيل : لأن فيه تقرير أصول الدين. قاله فى الحاشية الفاسية.
ثم فسّر القرآن ، المقسم به ، فقال :
(تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١))
قلت : «تنزيل» : خبر ، أي : هو تنزيل. ومن نصبه فمصدر ، أي : نزل تنزيل ، أو : اقرأ تنزيل ، وقرئ بالجر ، بدل من القرآن. و «ما أنذر» : نعت لقوم. و «ما» : نفى ، عند الجمهور ، أو : موصولة مفعولا ثانيا لتنذر ، أي : العذاب الذي أنذره آباؤهم ، أو : مصدرية ، أي : لتنذر قوما إنذار مثل إنذار آبائهم.
يقول الحق جل جلاله : هذا ، أو هو (تَنْزِيلَ) (٢) (الْعَزِيزِ) أي : الغالب القاهر بفصاحة نظم كتابه أوهام ذوى العناد ، (الرَّحِيمِ) ؛ الجاذب بلطافة معنى خطابه أفهام ذوى الرشاد. أنزلناه (لِتُنْذِرَ) به (قَوْماً) ، أو :
__________________
(١) وردت الجملة الأولى فى حديث أخرجه الترمذي فى (فضائل القرآن ، باب : ما جاء فى فضل «يس» ٥ / ١٥٠ ، ح ٢٨٨٧) والدرامى فى (فضائل القرآن ، باب فضل يس ، ٢ / ٥٤٨ ، ح ٣٤١٦) وأحمد فى المسند (٥ / ٢٦) عن أنس. بلفظ «إن لكل شىء قلبا ، وقلب القرآن يس ..» الحديث ، قال الترمذي : هذا حديث غريب. وهارون أبو محمد شيخ مجهول.
(٢) قرأ ابن عامر ، وحفص ، وحمزة ، والكسائي ، بنصب اللام على المصدر. وقرأ الحسن بالجر ، وقرأ الباقون بالرفع ، خبر لمقدر. وقد سار المفسر على قراءة الرفع. انظر الإتحاف (٢ / ٣٩٧).