لا يتعذر شىء من شروطها وحرمتها ، فإن دم المسلم وحرمته عظيمة ، فيجب مراعاته بكل ما أمكن ، فلا يقصر عن الحد ، ولا يزاد عليه. ويطلب الاعتدال فى السوط ، فلا يكون لينا جدا ، ولا يابسا جدا ، وكذلك فى الضرب ، فلا يرفع يده حت يرى إبطه ، ولا يخفف فيه جدا ، بل يتوسط بحيث يؤلمه ولا يضره.
وتسمية الحدّ عذابا دليل على أنه عقوبة وكفارة. و «الطائفة» : فرقة ، يمكن أن تكون حافة حول الشيء ، من الطوف ، وهو الإدارة ، وأقلها : ثلاثة ، وقيل : أربعة إلى أربعين. وعن الحسن : عشرة ، والمراد : جمع يحصل به التشهير. والله تعالى أعلم.
الإشارة : التقوى أساس الطريق ، وبها يقع السير إلى عين التحقيق. فمن لا تقوى له لا طريق له ، ومن لا طريق له لا سير له ، ومن لا سير له لا وصول له. وأعظم ما يتقى العبد شهوة الفروج ، فهى أعظم الفتن وأقبح المحن ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : «ما تركت بعدي أضرّ على الرّجال من النّساء» (١) ، أو كما قال صلىاللهعليهوسلم. وعن حذيفة رضي الله عنه قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا معشر الناس اتقوا الزنا ، فإن فيه ستّ خصال : ثلاثا فى الدنيا ، وثلاثا فى الآخرة : فأما اللاتي فى الدنيا ؛ فيذهب البهاء ، ويورث الفقر ، وينقص العمر ، وأما اللاتي فى الآخرة ؛ فيوجب السخطة وسوء الحساب والخلود فى النار» (٢). والمراد بنقص العمر : قلة بركته ، وبالخلود : طول المكث. وفى حديث آخر : «إن أهل النار ليتأذون من نتن فروج الزناة والزواني» (٣) ، وعن أنس رضي الله عنه قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن أعمال أمتى تعرض علىّ فى كل جمعة مرتين ، فاشتد غضب الله على الزناة» (٤). وقال وهب بن منبه : (مكتوب فى التوراة : الزاني لا يموت حتى يفتقر ، والقواد لا يموت حتى يعمى).
وفى بعض الأخبار القدسية : «يقول الله عزوجل : أنا الله لا إله إلا أنا ، خلقت مكة بيدي ، أغنى الحاج ولو بعد حين ، وأفقر الزاني ولو بعد حين ، هذا وباله فى الدنيا والآخرة ، وأما فى عالم البرزخ ؛ فتجعل أرواحهم فى تنور من نار ، فإذا اشتعلت علوا مع النار ، وإذا خمدت سقطوا إلى أسفلها ، هكذا حتى تقوم الساعة ، كما فى حديث
__________________
(١) أخرجه البخاري فى (النكاح ، باب ما يتقى من شؤم المرأة ح) ، ومسلم فى (الذكر ، باب أكثر أهل الجنة الفقراء ، ٤ / ٢٠٩٧ ح ٢٧٤٠) عن أسامة بن زيد رضي الله عنه.
(٢) عزاه فى كنز العمال (٥ / ٣١٩ ح ١٣٠٢٢) للخرائطى فى مساوئ الأخلاق. وأبى نعيم فى الحلية (٤ / ١١١) ، والبيهقي فى شعب الإيمان (ح ٥٤٧٥) ، عن حذيفة. والحديث ضعفه البيهقي.
(٣) أخرجه بنحوه البزار (كشف الأستار ح ١٥٤٨) عن بريدة رضي الله عنه ، وضعّفه الهيثمي فى المجمع (٦ / ٢٥٥).
(٤) أخرجه أبو نعيم فى الحلية (٦ / ١٧٩) عن أنس رضي الله عنه.