أي : ومثل نفقتهم كمثل بستان (بِرَبْوَةٍ) : بمكان مرتفع ؛ إذ شجرة أنضر وثمرة أكثر. وفتح «عاصم» و «ابن عامر» : الراء ، وضمّها الباقون (١) (أَصابَها وابِلٌ) : مطر عظيم القطر (فَآتَتْ أُكُلَها) ثمرتها. وسكّنه «ابن كثير» و «نافع» و «أبو عمرو» (٢) (ضِعْفَيْنِ) : مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل ، وقيل : أربعة أمثاله (٣) ونصب حالا ، أي مضاعفا (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌ) : فمطر صغير القطر يكفيها لكرم منبتها ، أو : فيصيبها طلّ. والمعنى : أنّ نفقتهم زاكية عند الله لا تضيع بحال وإن تفاوتت باعتبار ما ينضمّ إليها من الأحوال.
أو : تمثيل حالهم عنده تعالى بجنّة بربوة ، ونفقتهم الكثيرة والقليلة الزائدتين في أجرهم بالوابل والطلّ (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ترغيب في الإخلاص ، وترهيب من الرياء.
[٢٦٦] ـ (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ) الهمزة للإنكار (أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) خصّا بالذكر لأنّهما أكرم أشجارها فغلّبا (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) يدلّ على احتوائها على سائر الأشجار (وَأَصابَهُ الْكِبَرُ) الواو للحال (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ) صغار ، عجزة عن الكسب ، فهو للشيخوخة والعالة أحوج ما يكون إلى جنته (فَأَصابَها إِعْصارٌ) ريح مستديرة من الأرض نحو السماء كالعمود (فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) هذا مثل لمن يعمل الحسنات لا يريد بها وجه الله تعالى ، فإذا اشتدت حاجته إليها في الآخرة وجدها محبطة فيتحسر حسرة صاحب الجنّة (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) فيها فتعتبرون بها.
[٢٦٧] ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) من جيّده أو : حلاله
__________________
(١ ـ ٢) حجة القراءات : ١٤٦.
(٣) نقل هذا القول البيضاوي في تفسيره ١ : ٢٦٤ ولعلّه مبني على الخلاف في ان الضعف هل هو المثل او المثلان.