(فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا) يوم بدر (فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ) يرى المشركون المسلمين مثلي عدد المشركين ، قريب ألفين ، أو : مثلي عدد المسلمين ستمائة وستة وعشرين. قللوا أولا في أعينهم حتّى اجترأوا عليهم كما قال : (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) (١) فلما لاقوهم كثّروا في أعينهم حتّى غلبوا.
أو : يرى المسلمون المشركين مثلي المسلمين ـ ، وكانوا ثلاثة أمثالهم ـ ليثبتوا ثقة بالنّصر الذي وعدوه في : (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) (٢) وقرأ «نافع» بالتاء (٣) (رَأْيَ الْعَيْنِ) : رؤية مكشوفة معاينة (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ) كما أيّد أهل بدر (إِنَّ فِي ذلِكَ) التّقليل والتّكثير ونصر القليل على الكثير (لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) عظة لذوي العقول.
[١٤] ـ (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ) أي : المشتهيات جعلها شهوات مبالغة ، والمزيّن هو : الله ، للابتلاء ، أو : لبقاء النوع وتعيّشه.
وقيل : الشيطان ، (٤) إذ الآية في معرض الذم. وبيّن الشهوات بقوله : (مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ) جمع : قنطار ، وهو : المال الكثير ، وقيل : ملء مسك ثور ، (٥) وقيل : مائة الف دينار (٦) (الْمُقَنْطَرَةِ) مبنيّة منه للتأكيد ك «بدرة مبدّرة» (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) : المعلّمة من السومة ، وهي : العلامة ، أو : المرعية من أسام الدابة وسوّمها (وَالْأَنْعامِ) : الإبل والبقر والغنم (وَالْحَرْثِ ذلِكَ)
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ٤٤.
(٢) سورة الأنفال : ٨ / ٦٦.
(٣) حجة القراءات : ١٥٤.
(٤) قاله الحسن ـ كما في تفسير التبيان ٢ : ٤١١ وتفسير مجمع البيان ١ : ٤١٧ ـ.
(٥) قاله ابو نضرة والفرّاء وهو مروي عن الإمامين الباقر والصادق عليهالسلام ـ كما في تفسير التبيان ٢ : ٤١١ وتفسير مجمع البيان ١ : ٤١٧ ـ.
(٦) قاله سعيد بن جبير ـ كما في تفسير الكشّاف ١ : ٤١٦ ـ.