ويجاب : بأن آخرها يفيد الواحديّة وصدرها يفيد الأحدية : أي نفي قبول القسمة بأنحائها ، وما مرّ في الحديث (١) لا ينافي العلمية.
وتفخّم لامه إذا فتح ما قبلها أو ضمّ. وحذف ألفه لحن.
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) صفتان مشبّهتان من «رحم» ـ بالكسر ـ بعد نقله الى المضموم ؛ كغضبان من غضب ، وعليم من علم.
والرّحمة : رقة القلب المقتضية للإحسان. واتّصافه تعالى بها باعتبار غايتها التي هي فعل ، لا مبدئها الّذي هو انفعال.
و «الرحمن» أبلغ ؛ لاقتضاء زيادة البناء زيادة المعنى. وهي هنا إما باعتبار الكمّ بحسب كثرة أفراد المرحومين وقلّتها ، وعليه حمل «يا رحمن الدنيا» لشمول المؤمن والكافر «ورحيم الآخرة» للاختصاص بالمؤمن. أو باعتبار الكيف ، وعليه حمل : «يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا» ، لجسامة (٢) نعم الآخرة ـ كلّها ـ بخلاف نعم الدّنيا.
فمعنى «الرّحمن» : البالغ في الرّحمة غايتها ؛ ولهذا اختص به تعالى ، لأن من عداه مستعيض بأنعامه ثوابا أو ثناء أو إزالة الرّقة الجنسية أو البخل.
ثم هو كالواسطة ، لأن ذات النّعم وسوقها الى المنعم وإقداره على إيصالها منه تعالى فهو المنعم الحقيقيّ.
وإنّما قدّم «الرّحمن» ـ ومقتضى التّرقّي العكس ـ لصيرورته بالاختصاص كالواسطة بين العلم والوصف ، فناسب توسيطه بينهما. أو لأنّ الملحوظ في مقام التّعظيم جلائل النّعم وغيرها كالتّتمة ، فقدّم.
وأردف ب «الرّحيم» للتّعميم ، تنبيها على أن جلائلها ودقائقها منه تعالى ؛ لئلا
__________________
(١) أي : الحديث المروي عن امير المؤمنين عليهالسلام ـ المتقدم آنفا ـ.
(٢) الجسامة : العظمة.