يأنف عباده من سؤال الحقير من جنابه ، وللفاصلة.
وخصّ البسملة بهذه الأسماء الثّلاثة إعلاما بأنّ التحقيق بأن يستعان به في جميع الأمور (١) هو المعبود الحقيقيّ البالغ في الرّحمة غايتها المولي للنّعم كلّها.
[٢] ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) الحمد : هو الثّناء على جميل اختياريّ ، نعمة وغيرها وحمده تعالى على صفاته حمد على الآثار الاختيارية الصّادرة عن ذاته العينيّة كما هو الحقّ. ونقيضه : الذّم ، ويرادفه : المدح ، أو يعمّ غير الاختياري.
والشكر : ما قابل النّعمة من قول أو عمل أو اعتقاد ، ومنه الحمد على النّعمة ، بل هو أظهر شعبه دلالة عليها ؛ لخفاء الإعتقاد واحتمال عمل الجوارح ؛ ولذا
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الحمد رأس الشّكر ، ما شكر الله من لم يحمده» (٢)
فجعله كأشرف الأعضاء ، فكأنّ الشكر منتف بانتفائه. وخصّه بعض بالقول ، فيتساويان. ونقيضه : الكفران.
ورفع «الحمد» بالابتداء ، وخبره «لله». وهو من المصادر التي تنصب بأفعال مضمرة ، فأصله النّصب ، وعدل الى الرفع ليفيد الثبات دون التجدّد. ولامه للجنس.
أو الاستغراق ، أو العهد ، أي : حقيقة الحمد ، أو : كل أفراده ، أو : أكملها ثابت له تعالى على وجه الإختصاص ـ كما تفيده اللام ـ ولو بمعونة المقام. (رَبِّ الْعالَمِينَ) مالكهم.
و «الربّ» مصدر ، بمعنى : التّربية ، وهي : تبليغ الشّيء كماله تدريجا. وصف به للمبالغة. أو : صفة مشبّهة من : ربّه يربّه ، بعد جعله لازما كما في «الرحمن» واضافته حقيقية لانتفاء العمل النّصب لاشتقاقه من اللازم ، ولقصد الاستمرار الثّبوتيّ ككريم البلد ، فساغ وصف المعرفة به ، وسمّي به : المالك ، لحفظه ما يملكه وتربيته
__________________
(١) في النسخ : مجامع الأمور.
(٢) رواه البيضاوي في تفسيره ١ : ٢٢.