الغضب : ثوران النفس (١) لإرادة الانتقام ، فإن أسند إليه تعالى فباعتبار الغاية ـ كالرّحمة ـ.
والعدول عن اسناده إليه تعالى إلى صيغة المجهول ، وإسناد عديله اليه سبحانه تأسيس لمباني الرّحمة ، فكأنّ الغضب صادر من غيره تعالى ، وإلّا فالظّاهر : غير الذين غضبت عليهم ، ومثله ـ في التّصريح بالوعد والتّعريض بالوعيد ـ كثير في الكتاب المجيد ، ومنه : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (٢) والمقابل : لاعذبنّكم.
والضّلال : العدول عن الطّريق السّويّ ولو خطأ ، وشعبه كثيرة ، بشهادة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ستفترق امّتي ثلاثا وسبعين فرقة ، فرقة ناجية والباقون في النار». (٣)
وتفسير «المغضوب عليهم» باليهود ، و «الضّالين» بالنصارى مشهور. (٤)
وقيل : المراد بهما مطلق الكفار ، (٥) وقيل : مطلق الموصوفين بالعنوانين من الكفّار وغيرهم. (٦)
و «غير» بدل كلّ من «الذين» ، والمعنى : أنّ المنعم عليهم هم الذين ـ سلموا من الغضب والضّلال ، فيفيد التأكيد والتنصيص ـ كما مرّ ـ ، أو صفة له.
ويبتنى ـ كونها مبيّنة او مقيّدة ـ على تفاسير «المنعم عليهم» ، و «المغضوب عليهم» و «الضّالّين» ، ولا يكاد يخفى على المتدبّر.
__________________
(١) اي : هيجانها ـ كما في مجمع البحرين «ثور».
(٢) سورة ابراهيم : ١٤ / ٧.
(٣) أورده السيوطي في الجامع الصغير ١ : ١٨٤ والدر المنثور ١ : ١٣٦ وغيره ، وقد الّف في هذا الحديث عدّة كتب ، فينظر.
(٤) ذهب اليه كثير من علمائنا ومنهم العياشي في تفسيره ١ : ٢٢ والطبرسي في تفسير مجمع البيان ١ : ٣١.
(٥) نقل هذا القول الطبرسي في تفسير مجمع البيان ١ : ٣٠.
(٦) قاله عبد القاهر الجرجاني ـ كما في تفسير مجمع البيان ١ : ٣٠.