ممنوحه وهو اللّطف والتّوفيق. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) تكرير «أولئك» يفيد اختصاصهم وتميّزهم عن غيرهم بكلّ واحدة من المزيّتين.
وادخل العاطف لاختلاف الجملتين مفهوما بخلاف (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (١) ـ إذ الثّانية مقرّرة للأولى فلا يحسن العطف. و «هم» فصل يفصل الخبر عن الصّفة ويحصره في المبتدأ ويؤكّد الحكم ، أو مبتدأ و «المفلحون» خبره والجملة خبر «أولئك».
والمفلح : الفائز بالبغية. وتعريف «المفلحون» للعهد ، أي : المتقون هم النّاس الذي بلغك أنّهم مفلحون في الآجل ، أو للجنس بإرادة حصره في المسند اليه ، أو اتحاد المسند اليه به.
فانظر كيف نبّه تعالى على اختصاص المتّقين بالأثرتين ـ بذكر اسم الإشارة المفيد للعلّيّة ، مع الإيجاز ، وتكريره ، وتعريف المفلحين ، وضمّ الفصل ـ إعلانا بفضلهم وحثّا على لزوم نهجهم.
وإرادة الكامل من الهدى والفلاح توهن تمسّك «الوعيديّة» (٢) به في دوام عذاب الفاسق.
[٦] ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) لمّا ذكر الله تعالى أولياءه بصفاتهم التي أوجبت لهم الهدى والفلاح ، قفّاهم بأضدادهم العتاة الذين لا ينفع فيهم الهدى (٣) والإنذار.
وقطعت قصّتهم عن قصّة المؤمنين لتباينهما غرضا ، إذ الاولى لكشف شأن الكتاب ، والثّانية لشرح تمرّدهم. والتأكيد ب «إنّ» لعلّه للرّواج.
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٧٩.
(٢) الوعيدية : فرقة من الخوارج وهم القائلون بتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار ـ دائرة معارف القرن العشرين ١ : ٨٨.
(٣) في «ط» : لا ينفعهم الهدى.