بحال أشياء معدّة للانتفاع بها مع المنع عنه ـ بالختم والتّغطية.
وإسناد الختم ـ مع قبحه ـ الى الله تعالى ـ المنزّه عن القبيح ـ كناية عن تمكّن إعراضهم عن الحق في قلوبهم وأسماعهم حتّى صار لهم كالجبلة الصّادرة عنه تعالى. أو تمثيل حال قلوبهم بحال قلوب البهائم التي خلقها الله تعالى خالية عن الفطن ، (١) أو من الإسناد إلى السّبب ، أو مجاز عن ترك قسرهم على الايمان كناية عن رسوخهم في كفرهم ، أو تهكّم بهم حكاية لقولهم : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) (٢) أو في الآخرة ، والتعبير بالماضي لتحقّقه بشهادة : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا). (٣)
«وعلى سمعهم» عطف على «قلوبهم» لقوله تعالى : (خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) (٤) ولوقفهم عليه ، وكرّر الجّار ليكون أدلّ على شدّة الختم في الموضعين. وإفراد السّمع لأمن اللّبس ، ولأن أصله : المصدر ، أو بتقدير حواسّ سمعهم. وإيثاره لمناسبته لوحدة المدرك كالجمع لتكثّره.
والبصر : إدراك العين ، والقوة الباصرة ، والعضو ، وكذا السمع ، والمراد : أحد الآخرين ، والقلب : محلّ العلم.
و «غشاوة» رفع بالابتداء أو الظرف ، والتنكير للتعظيم والنّوعية ، أي : نوع غير متعارف. (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) العذاب كالنكال ـ زنة ومعنى ـ ، يقال : اعذب عنه ونكل عنه : إذا امسك ، ثم سمي به كلّ ألم فادح وإن لم يكن نكالا ـ أي : عقابا يردع الجاني ـ فهو أعمّ منهما.
__________________
(١) الفطن : جمع فطنة ، وهو : الفهم ـ كما في مختار الصحاح «فطن» ـ.
(٢) كما ورد في سورة فصّلت : ٤١ / ٥.
(٣) سورة الإسراء : ١٧ / ٩٧.
(٤) سورة الجاثية : ٤٥ / ٢٣.