و «العظيم» : نقيض الحقير ، كالكبير للصّغير ، والعظيم فوق الكبير ، والحقير دون الصغير ، والتنكير للنّوعية ، أي : لهم من بين الآلام العظام نوع لا يعلم كنهه إلّا الله تعالى.
[٨] ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) افتتح سبحانه ـ في سياق شرح حال الكتاب ـ بذكر خلّص المؤمنين ، وثنّى بأضدادهم الماحضين للكفر سرّا وجهرا ، وثلّث بالمنافقين المذبذبين بين الفريقين ، الذين أبطنوا الكفر وأظهروا الايمان ، وهم أخبث [من] (١) الكفرة ، لخلطهم بالكفر تمويها واستهزاء ، ولذلك طول في وصف حالهم. وقصّتهم بأجمعها معطوفة على قصّة المصرّين ، والظرف خبر ل «من» ، أو هي خبر لمضمونه.
وأصل النّاس : أناس ، حذفت الهمزة وعوّض عنها لام التعريف ، وهو اسم جمع ، ولامه للجنس ، و «من» موصوفة كأنه قيل : ومن النّاس يقولون ، او للعهد والمعهود بالذين كفروا و «من» موصولة قيل : يراد بها : «ابن أبيّ» وأضرابه.
وخصّ الإيمان بالله وباليوم الآخر بالذّكر ادّعاء بأنّهم حازوا الإيمان من جانبيه ، وبيانا لفرط خبثهم لأنّهم كانوا يهودا ، وإيمانهم بالله واليوم الآخر ليس بإيمان ، لقولهم : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (٢) وإنّ الجنّة لا يدخلها غيرهم (٣) ونحوه. فتمويهم على المؤمنين ـ بأنهم آمنوا مثل إيمانهم ـ كفر مضاعف ، لأنّهم لو قالوا هذا وهم على عقيدتهم بدون نفاق لم يكن إيمانا.
كيف وقد قالوه نفاقا وتمويها وتكرير «الباء» لادّعاء الإيمان بكلّ على الصحّة. و «اليوم الآخر» : من وقت الحشر إلى الأبد ، أو إلى دخول السّعداء الجنة والأشقياء
__________________
(١) الزيادة اقتضاها السياق.
(٢) سورة التوبة : ٩ / ٣٠.
(٣) ينظر سورة البقرة : ٢ / ١١١.