النّار ، إذ هو آخر الأوقات المحدودة. (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) نفي لما ادّعوه وتكذيب لهم.
وعدل عن «ما آمنوا» ـ المطابق لقولهم «آمنا» المصرّح بشأن الفعل لا الفاعل ـ إلى عكسه مبالغة ، لأنّ إخراجهم عن جملة المؤمنين أبلغ من نفي إيمانهم في الماضي ، ولذا أكدّ النّفي بالباء وأطلق الإيمان ، أي : ليسوا منه في شيء ، ويحتمل تقييده بما قيّدوا به إذ هو ردّه.
[٩] ـ (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) الخدع : أن توهم غيرك خلاف ما تريده به من المكروه ، وأصله : الإخفاء. والمخادعة : تكون من إثنين. ومخادعتهم لله ـ العالم بكلّ خفي ، والمنزّه عن القبيح ، وللمؤمنين الغير اللائق بهم ـ : أن يخدعوا على معنى : أنّ صورة صنعهم معه تعالى من إظهار الإيمان وإبطان الكفر ، وصنعه تعالى معهم بإجراء أحكام المسلمين عليهم ـ وهم أبغض الكفرة إليه ـ لمصالح يعلمها.
وامتثال الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين أمره تعالى بإجراء أحكام المسلمين عليهم ، صورة صنع المتخادعين. أو مخادعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مخادعة لله تعالى ، لأنه خليفته ويعضده : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ). (١) و «يخادعون» بيان ل «يقول» أو استئناف لشرح الغرض منه ، فيحتمل إرادة : يخدعون ب «يخادعون» ، واخرج في وزن «فاعل» المفيد للمغالبة ، لأنّ الفعل متى غولب فيه جاء أبلغ منه إذا جاء بلا مغالب ويعضده قراءة : «يخدعون». (٢) وغرضهم بخداعهم : دفع ما يطرق به غيرهم من الكفرة عن أنفسهم ، وأن يكرموا كالمؤمنين ، وأن يختلطوا بهم ليظهروا على أسرارهم فيفشوها الى أعدائهم
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٨٠.
(٢) وهي قراءة حفص عن عاصم وسيذكرها المصنّف بعد قليل.