راجين وصولكم إلى التّقوى التي هي أعلى مراتب العبادة.
وفيه تنبيه على أنّ العابد ينبغي أن يكون ذا خوف ورجاء لا مغترا بعمله. أو عن مفعول «خلقكم» وما عطف عليه ، أي : خلقكم ومن قبلكم في صورة المرجو منه التّقوى لاجتماع أسبابها ودواعيها ، وغلّب المخاطبين على الغائبين ، والمراد : الجميع.
[٢٢] ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) صفة ثانية مادحة ، او مدح منصوب او مرفوع اى صيّرها مبسوطة تقعدون وتنامون عليها كالفراش ولا ينافي كرويّتها لعظم حجمها (وَالسَّماءَ بِناءً) قبة مضروبة عليكم ، و «البناء» مصدر سمّي به المبني من بيت ونحو (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ) : من السّحاب ـ أو : ممّا فوقه اليه ـ ، ومنه إلى الأرض (ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) أي بسببه بأن جعله سببا في خروجها ومادّة لها ـ كماء الفحل للولد ـ مع قدرته على إنشاء الأشياء كلّها بلا أسباب وموادّ ـ كما أنشأ نفوس الأسباب والموادّ ـ ولكن له في إنشائها من موادّها تدريجا حكم ليست في انشائها دفعة ، و «من» للتّبعيض ك «ماء» و «رزقا» المكتنفين لها ، و «رزقا» مفعول له أي أنزل بعض الماء فأخرج به بعض الثّمرات ليكون بعض رزقكم ، ف «لكم» مفعول له ل «رزقا» ، أو للتّبيين ، و «رزقا» مفعول به ، بمعنى : المرزوق ، قدّم عليه بيانه و «لكم» صفته ، و «الثمرات» ليست للقلة بل جمع : ثمرة ، الّتي يراد بها : الكثرة ، أو نائب مناب جمع الكثرة ، أو صيّرته اللام لها (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) نهي معطوف على «اعبدوا» أي : إذا استحقّ ربّكم العبادة وأساسها توحيده ، فلا تشركوا به. أو نفي منصوب بإضمار «ان» جوابا له ، أو ل «لعلّ» ـ كنصب «فاطلع» جوابا ل (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) ـ ، (١) أو نهي مرتّب على «الّذي جعل» إن رفع خبرا لمحذوف أي : هو
__________________
(١) ورد ذلك في سورة غافر : ٤٠ / ٣٦ و ٣٧ قوله تعالى : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى).