بهم. وعبّر عن الإتيان بالفعل الأعمّ منه إيجازا. واشتراط الاتّقاء ـ الواجب مطلقا ـ بانتفاء المعارضة ، لأنّه لازم للجزاء ـ وهو ترك العناد ـ ، فأقيم مقامه كناية عنه تهويلا لشأن العناد بإبرازه في صورة النّار الفظيعة الوصف من أنّها تتّقد بما لا يتّقد به غيرها ، وتصريحا بالوعيد.
وجزم «تفعلوا» ب «لم» لاتصالها به ، وصيرورتها كجزئه بقلبها إيّاه ماضيا.
ودخلت «إن» على المجموع فجزمته محلّا. و «لن» لنفي المستقبل مؤبّدا ، نصبت «تفعلوا». والجملة اعتراض وإخبار بالغيب دالّ على النبوّة كما دلّ عليها ثبوت إعجاز المتحدّى به.
والوقود ـ بالفتح ـ : ما يوقد به النار. والحجارة : جمع حجر وهي أصنامهم التي عبدوها ، وأمّلوا نفعها ؛ لقوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ). (١) عذّبوا بها محماة على خلاف ما أمّلوا ، زيادة في إيلامهم ـ كما عذّب الكانزون بما كنزوا ـ. (٢) وقيل : حجارة الكبريت. (٣) وتعريف «النار» للعهد ؛ إذ سمعوا في سورة التحريم (ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) (٤) وعلموا بذلك مضمون الصّلة فخوطبوا به (أُعِدَّتْ) : هيّئت (لِلْكافِرِينَ) فهي الآن مخلوقة. والجملة استئناف ، أو حال من النار بتقدير «قد».
[٢٥] ـ (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) عطف وصف ثواب المصدّقين على وصف عقاب المكذّبين كما هو عادته تعالى من ذكر التّرغيب مع التّرهيب ؛
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٩٨.
(٢) كما ورد في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة : ٩ / ٣٤ و ٣٥).
(٣) قاله ابن عباس وابن مسعود ـ كما في تفسير التبيان ١ / ١٠٧ ـ.
(٤) سورة التحريم : ٦٦ / ٦.