أو استئناف : كأنّه لما قيل : «أنّ لهم جنّات» خطر للسامع : أثمارها كثمار الدّنيا أم أجناس (١) أخر؟ فأزيل به. و «كلّما» نصب ظرفا ، و «رزقا» ثاني مفعولي «رزقوا».
وحرفا «من» للابتداء ، والظّرفان حالان متداخلان ؛ أي : كلّ مرّة رزقوا مرزوقا مبتدءا من الجنّات مبتدءا من ثمرة.
أو «من» الثانية بيان ل «رزقا» وهذا إشارة إلى نوع المرزوق أي هذا مثل الذي. ولاستحكام الشّبه بينهما جعل هو إيّاه (مِنْ قَبْلُ). قبل هذا في الدّنيا. جعل ثمر الجنّة من جنس ثمر الدّنيا لميل النّفوس إلى المألوف. ونفرتها عن غيره ، وليظهر فضله ومزيّته ؛ إذ لو لم يعهد جنسه حسب أنّه لا يكون إلّا كذلك.
أو في الجنة ؛ لأنّ طعامها متشابه ، أو لأنّ ثمارها إذا جنيت أعاد الله مكانها مثلها فتشتبه عليهم. ويرجّح الأوّل عموم «كلّما» الشامل لأوّل مرّة (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) اعتراض للتّقرير. وضمير «به» للرّزق في الدارين المدلول عليه ب «هذا الّذي رزقنا من قبل» أو في الجنة.
وقول ابن عباس : «ليس في الجنّة من أطعمة الدّنيا إلّا الاسم» (٢) لا ينفي التّشابه بينهما ؛ إذ يكفي التّشابه في الصّورة الّتي هي مناط الاسم وإن اختلف الطّعم والحجم (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) أبدانا وأخلاقا من الحيض والقذر وسوء الخلق.
وإفراد الصفة (٣) على تأويل الجماعة.
ولم يقل : طاهرة ؛ لأنّ مطهّرة أبلغ للإشعار بتطهير مطهّر لهنّ وهو الله تعالى.
والزّوج يقال للذّكر والأنثى (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) : دائمون. والخلد : الثّبات الدّائم ، وبهذا الوعد تتمّ النعمة لإزالته ما ينغصّها ـ من خوف الانقطاع ـ.
__________________
(١) في «ط» : أثمار.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ١ / ٢٤٠.
(٣) في «ط» : الصيغة.