[٣٤] ـ (وَإِذْ قُلْنا) نعمة أخرى عليهم أن فضّل أباهم على الملائكة بأمرهم بالسجود له. عطف على الظرف السابق إن نصب بمضمر ، والّا فالقصّة على القصّة والنّاصب مضمر أيضا. والمأمورون الجميع ؛ لعموم اللفظ والتأكيد في : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (١) فلا وجه للتخصيص بطائفة منهم.
والسجود ـ لغة ـ : التذلّل مع تطامن ، وـ شرعا ـ : وضع الجبهة بقصد العبادة. وسجودهم كان لله تعالى تكرمة لآدم عليهالسلام وهو المروي عن أئمتنا عليهمالسلام. (٢)
وقيل : جعل قبلة لهم تعظيما لشأنه. (٣) وفيه دلالة على أنّ الأنبياء أفضل من الملائكة (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) هو اسم أعجمي. وجعله من الإبلاس. (٤) ومنع صرفه للاستثقلال ضعيف.
قيل : هو من الملائكة (٥) وإلّا لم يتناوله أمرهم ولم يصح استثناؤه منهم.
وردّ بأنه كان جنيّا واحدا بين أظهر الألوف منهم فغلّبوا عليه وشمله الأمر وصحّ استثناؤه منهم.
أو أن الجنّ ـ أيضا ـ كانوا مأمورين معهم فاستغنى بذكر الأكابر عن ذكر الأصاغر. واستثنى من ضمير «فسجدوا» الراجع إلى القبلتين أو : الاستثناء منقطع.
وقيل : من «الجنّ» (٦) لقوله تعالى (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ). (٧) وردّ : بأنه كان
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٣٠.
(٢) تفسير نور الثقلين ١ : ٥٨ الحديث ١٠١.
(٣) قاله الجبائي والبلخي وجماعة ـ كما في تفسير التبيان ١ / ١٥٠ ـ.
(٤) في مجمع البحرين بلس : «إبليس» افعيل من «أبلس» أي : يئس من رحمة الله ، يقال : انه اسم أعجمي فلذلك لا ينصرف وقيل : عربي.
(٥) قاله ابن عباس وابن مسعود وابن مسيب وقتادة وابن جريج والطبري ـ كما في تفسير التبيان ١ / ١٥٠ ـ.
(٦) أشير اليه في تفسير التبيان ١ / ١٥٠ ـ ١٥١.
(٧) سورة الكهف : ١٨ / ٥٠.