(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠) وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١٨١)
علائم أهل النار : هذه الآيات تقسم الناس إلى مجموعتين ... وتحكي عن صفاتهما وهما أهل النار ، وأهل الجنة. فتتحدث عن المجموعة الاولى ـ أهل النار ـ أوّلاً ، فتأتي بالقسم والتوكيد فتقول : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنّ وَالْإِنسِ).
«ذرأنا» : مشتقة من «ذرأ» ، وتعني هنا الإيجاد والخلق ، غير أنّها في أصل اللغة تعني نشر الشيء وتفريقه.
فإنّ الله سبحانه خلق الناس جميعهم على نسق واحد طاهرين إلّاأنّ قسماً منهم إختاروا بأعمالهم جهنّم فكانوا من أهلها فكان عاقبة أمرهم خسراً ... وأنّ قسماً منهم إختاروا بأعمالهم الجنّة وكان عاقبة أمرهم السعادة ....
ثم يلخّص القرآن صفات أهل النار في ثلاث جمل ، إذ تقول الآية : (لَهُمْ قُلُوبٌ لَايَفْقَهُونَ بِهَا).
والصفة الثانية التي ذكرتها الآية لأهل النار (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّايُبْصِرُونَ بِهَا).
والصفة الثالثه الواردة في حقهم (وَلَهُمْءَاذَانٌ لَّايَسْمَعُونَ بِهَا أُولئِكَ كَالْأَنْعمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ).
لأنّ البهائم والأنعام لا تملك هذه الإستعدادات والإمكانات ، إلّاأنّهم بما لديهم من عقل سالم وعين باصرة وأذن سامعة ، بإمكانهم أن يبلغوا كل مراتب الرقي والتكامل ، إلّاأنّهم نتيجة لإتباعهم هواهم ورغبتهم ـ بكل هذه التوافه من الامور تركوا هذه الإستعدادات جانباً ... وكان شقاؤهم كبيراً لهذا السبب : (أُولئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ).
فالمَعين الذي يحييهم ويروي ظمأهم موجود إلى جانبهم وهم على مقربة منه ، إلّاأنّهم يتصارخون من الظمأ وأبواب السعادة مفتحة أمامهم لكنّهم لا يلتفتون إليها.