يقول سبحانه في الآية الاولى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بَايَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ). أي سنعذّبهم بالإستدراج شيئاً فشيئاً ، ونطوي حياتهم.
والآية الثانية تؤكّد الموضوع ذاته ، وتشير بأنّ الله لا يتعجّل بالعذاب عليهم ، بل يمهلهم لعلهم يحذرون ويتعظون ، فإذا لم ينتبهوا من نومتهم ابتلوا بعذاب الله ؛ فتقول الآية (وَأُمْلِى لَهُمْ).
لأنّ الإستعجال يتذرع به من يخاف الفوت ، والله قوي ولا يفلت من قبضته أحد (إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ).
فهذه الآية تنذر جميع المجرمين والمذنبين بأنّ تأخير الجزاء من قبل الله لا يعني صحة أعمالهم أو طهارتهم ، ولا عجزاً وضعفاً من الله ، وأن لا يحسبوا أنّ النعم التي غرقوا فيها هي دليل على قربهم من الله ، فما أقرب من أن تكون هذه النعم والإنتصارات مقدمة لعقاب الإستدراج. فالله سبحانه يغشّيهم بالنعم ويمهلهم ويرفعهم عالياً ، ثمّ يكبسهم على الأرض فجأة حتى لا يبقى منهم أثر ، ويطوي بذلك وجودهم وتأريخ حياتهم كله.
في الكافي : سئل الإمام الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ) قال : «هو العبد يذنب الذنب فتجدّد له النعمة معه ، تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار عن ذلك الذنب».
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٨٦)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله صعد الصفا وكان يدعو قريشاً ، فخذاً فخذاً ، إلى توحيد الله ، ويخوفهم عذاب الله ، فقال المشركون : إنّ صاحبهم قد جُنّ ، بات ليلاً يصوّت إلى الصباح ، فأنزل الله هذه الآية.
التّفسير
التُهم والأباطيل : في الآية الاولى من الآيات ـ محل البحث ـ يردّ الله سبحانه على كلام