(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (٤٧)
في الآيات محل البحث ستة أوامر للمسلمين هي :
١ ـ أنّها تقول أوّلاً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا). أي إنّ إحدى علائم الإيمان هي ثبات القدم في جميع الأحوال ، وخاصه في مواجهة الأعداء.
٢ ـ (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ولا ريب أنّ المراد من ذكر الله هنا ليس هو الذكر اللفظي فحسب ، بل حضور القلب ، فهذا التوجه إلى الله يقوّي من عزيمة الجنود المجاهدين ، ويُشعر الجندي بأنّ سنداً قوياً لا تستطيع أية قدرة في الوجود أن تتغلب عليه يدعمه في ساحة القتال. وإذا قُتل فسينال السعادة الكبرى ويبلغ الشهادة العظمى.
٣ ـ كما أنّ من أهم أسس المبارزة والمواجهة هو الإلتفات للقيادة وإطاعة أوامر القائد والآمر ، الآمر الذي لولاه لما تحقق النصر في معركة بدر ، لذلك فإنّ الآية بعدها تقول :(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ).
٤ ـ (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا) لأنّ النزاع والفرقة امام الأعداء يؤدّي إلى الضعف وخور العزيمة ، ونتيجة هذا الضعف والفتور هي ذهاب هيبة المسلمين وقوتهم وعظمتهم (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
٥ ـ ثم تأمر الآية بالإستقامة بوجه العدو ، وفي قبال الحوادث الصعبة ، فتقول : (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
والفرق بين ثبات القدم في الأمر الأوّل ، والإستقامة والصبر في الأمر الخامس ، هو من جهة أنّ ثبات القدم يمثل الناحية الظاهرية «الجسمية» أمّا الإستقامة والصبر فليسا ظاهريين ، بل هما أمران نفسيان ومعنويان.
٦ ـ وتدعو الآية الأخيرة من الآيات محل البحث المسلمين إلى اجتناب الأعمال الساذجة البلهاء ، ورفع الأصوات الفارغة ، وتشير إلى قضية أبي سفيان وأسلوب تفكيره هو