ذاته تستكمل البحث الذي تناولته الآيات المتقدمة ، ونظير ذلك كثير في القرآن. فالآية الاولى من هذه الآيات تقول : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْءَامَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْأَخِرِ وَجَاهَدَ فِى سَبِيلِ اللهِ لَايَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لَايَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
ويحدثنا التاريخ أنّ منصب «سقاية الحاج» قبل الإسلام كان من أهم المناصب وكان يضاهي منصب سدانة الكعبة.
أمّا الآية التالية فتوضح ما أجملته الآية السابقة وتؤكّده بالقول : (الَّذِينَءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِى سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ).
وأمّا الآية الثالثه ـ من الآيات محل البحث ـ فتقول : إنّ الله أنعم على المؤمنين والمهاجرين والمجاهدين في سبيله ثلاث مواهب هي :
١ ـ (يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ).
٢ ـ (وَرِضْوَانٍ).
٣ ـ (وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ).
وتعقب الآية الأخيرة لمزيد التوكيد بالقول : (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (٢٤)
كل شيء فداء للهدف : إنّ آخر وسوسة أو ذريعة يمكن أن يتذرع بها جماعة من المسلمين للامتناع عن جهاد المشركين (وفعلاً فقد تذرع بعضهم وفقاً لما ورد في قسم من التفاسير) بأنّ من بين المشركين وعبدة الأوثان أقارب لهم ، فإذا كان القرار أن يجاهد الجميع المشركين فلابدّ أن يغمضوا أعينهم عن أرحامهم وأقاربهم وعشيرتهم الخ. هذا كله من