وللتأكيد تقول الآية في النهاية : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْأَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
إنّ الآية التالية أشارت بجملة قصيرة إلى الحياة المقابلة لهذه الحياة ، وقالت : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلمِ).
فلا خبر هناك عن مطاحنات واعتداءات المتكالبين على الحياة المادية ، ولا حرب ولا إراقة دماء ولا استعمار ولا استثمار.
ثم تضيف الآية : إنّ الله سبحانه يهدي من يشاء ـ إذا كان لائقاً لهذه الهداية ـ إلى صراطه المستقيم ، ذلك الصراط التي ينتهي إلى دار السلام ومركز الأمن والأمان (وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (٢٧)
بيض الوجوه وسود الوجوه : مرّت الإشارة في الآيات السابقة إلى عالم الآخرة ويوم القيامة ، ولهذه المناسبة فإنّ هذه الآيات تبيّن مصير الصالحين وعاقبة المذنبين فتقول في البداية : (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ). والمقصود من الزيادة في هذه الجملة ، هو الثواب المضاعف الكثير ، الذي يتضاعف أحياناً عشر مرات ، واخرى آلاف المرات حسب نسبة الإخلاص والطهارة والتقوى وقيمة العمل.
ثم تضيف الآية : (وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ). «يرهق» : مأخوذة من مادة «رهق» وهي بمعني التغطية القهرية والجبرية ، و «القتر» : بمعنى «الغبار» والدخان.
وفي النهاية تقول : (أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). التعبير بالأصحاب إشارة إلى التناسب الموجود بين روحية هذه المجموعة ومحيط الجنة.
ثم يأتي الحديث في الآية التالية عن أصحاب النار الذين يشكلون الطرف المقابل للمجموعة الاولى ، فتقول : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيَاتِ جَزَاءُ سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا). وهنا لا يوجد كلام عن الزيادة ، لأنّ الزيادة في الثواب فضل ورحمة ، أمّا في العقاب فإنّ العدالة توجب أن