يكون بقدر الذنب ولا يزيد ذرة واحدة. إلّاأنّ هؤلاء عكس الفريق الأوّل مسودة وجوههم (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ).
وهذه هي خاصية وأثر العمل الذي ينعكس من داخل روح الإنسان إلى الخارج.
فقد يظن المسيئون أنّهم سوف يكون لهم طريق للهرب أو النجاة ، أو أنّ الأصنام وأمثالها تستطيع أن تشفع لهم ، إلّاأنّ الجملة التالية تقول بصراحة : (مَّا لَهُم مِّنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ).
إنّ وجوه هؤلاء مظلمة ومسودة إلى الحد الذي (كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ الَّيْلِ مُظْلِمًا أُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (٢٩) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)(٣٠)
مشهد من قيامة عبدة الأوثان : تتابع هذه الآيات أيضاً البحوث السابقة حول المبدأ والمعاد ووضع المشركين ، فتقول أوّلاً : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ).
ثم تضيف : أنّنا سوف نعزل هاتين الفئتين ـ أي العابدون والمعبودون ـ عن بعضهم البعض ، ونسأل كلاً منهما على انفراد ، تماماً كما هو المتداول في كل المحاكم حيث يسأل كل واحد على انفراد ، فنسأل العابدين : بأي دليل جعلتم هذه الأصنام شريكة لله وعبدتموها؟ ونسأل المعبودين : لماذا أصبحتم معبودين؟ أو لماذا رضيتم بهذا العمل؟ (فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ).
في هذه الأثناء ينطق الشركاء الذين صنعتهم أوهام هؤلاء : (وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ) فأنتم كنتم تعبدون أهواءكم وميولكم وأوهامكم.
ثمّ ، ومن أجل التأكيد الأشد ، يقولون : (فَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ).
والمراد من الأصنام والشركاء في هذه الآية أنّها تشمل كل المعبودات ، غاية ما في الأمر أنّ المعبودات التي لها عقل وشعور تعيد الحقائق وتذكرها بلسانها ، أمّا المعبودات التي لا