إنّ هذه الجملة إشارة إلى توحيد الأفعال حيث يرتبط كل شيء في هذا العالم بالله سبحانه ، وكل الحركات والأفعال معلولة لإرادته ومشيئته ، فهو الذي ينصر المؤمنين بحكمته ، وهو الذي يجازي المنحرفين بعدالته.
من البديهي أنّ ذلك لا ينافي أنّ الله قد أعطانا قوى وطاقات نملك بواسطتها جلب النفع ودفع الضرر ، ونستطيع أن نختار ما يتعلق بمصيرنا.
ثم يتطرق القرآن إلى جواب آخر ويقول : (لِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ).
إنّ القرآن الكريم يحذر المشركين الذين كانوا يتعجلون العذاب الإلهي بأن لا يعجلوا ، فعندما يحل موعدهم فإنّ هذا العذاب سوف لن يتأخر أو يتقدم لحظة.
وتطرح الآية الاخرى الجواب الثالث ، فتقول : (قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَتكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا). فهل تستطيعون أن تدفعوا عن أنفسكم هذا العذاب المفاجىء غير المرتقب؟ وإذا كان الحال كذلك ف (مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ).
وفي الآية التالية ورد جواب رابع لهؤلاء ، فهي تقول : إذا كنتم تفكرون أن تؤمنوا حين نزول العذاب ، وأنّ إيمانكم سيقبل منكم ، فإنّ ظنّكم هذا باطل لا صحّة له : (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَءَامَنتُم بِهِ). لأنّ أبواب التوبة ستغلق بوجوهكم بعد نزول العذاب ، وليس للإيمان حينئذ أدنى أثر ، بل يقال لكم : (ءَالنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ).
هذا بالنسبة لعقاب هؤلاء الدنيوي ، وفي الآخرة : (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ). فإنّ أعمالكم هي التي أخذت بأطرافكم ، وهي التي تتجسد أمامكم وتؤذيكم على الدوام.
(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥٣) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٥٤) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٥) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٥٦)
لا معنى للشك في العذاب الإلهي : كان البحث في الآيات السابقة عن جزاء وعقاب