اللهِ). وأنفقوا كل ملكاتهم وطاقاتهم الحيوية دون جدوى (وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) بسبب هذا التكذيب والإنكار والإصرار على الذنب ، ولأنّ قلوبهم وأرواحهم كانت مظلمة.
وتقول الآية التالية تهديداً للكفّار ، وتسلية لخاطر النبي صلىاللهعليهوآله : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ).
وتبيّن الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث قانوناً كلياً في شأن كل الأنبياء ، ومن جملتهم نبي الخاتم صلىاللهعليهوآله ، وكل الامم ومن جملتها الامة التي كانت تحيا في عصر النبي صلىاللهعليهوآله فتقول : (وَلِكُلّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ). فإذا جاء رسولها وبلغ رسالته ، وآمن قسم منهم وكفر آخرون ، فإنّ الله سبحانه يقضي بينهم بعدله ، ولا يظلم ربّك أحداً ، فيبقى المؤمنون والصالحون يتمتعون بالحياة ، أمّا الكافرون فمصيرهم الفناء او الهزيمة : (فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَايُظْلَمُونَ).
وهذا ما حصل لنبي الخاتم صلىاللهعليهوآله وامته المعاصرة له ، وبناء على هذا فإنّ القضاء والحكم الذي ورد في هذه الآية هو القضاء التكويني في هذه الدنيا.
(وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلَا نَفْعاً إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَا ذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) (٥٢)
العذاب الإلهي واختيارات الرسول : بعد التهديدات التي ذكرت في الآيات السابقة المتعلقة بعذاب وعقاب منكري الحق ، فإنّ هذه الآيات تنقل أوّلاً استهزاء هؤلاء بالعذاب الإلهي وسخريتهم وانكارهم. فتقول : (وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
فإنّ هؤلاء أرادوا بهذه الكلمات أن يظهروا عدم اهتمامهم بتهديدات النبي صلىاللهعليهوآله.
وفي مقابل هذا السؤال ، فإنّ الله سبحانه أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يجيبهم بعدّة طرق :
فيقول أوّلاً : (قُلْ لَّاأَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ). فإنّي لست إلّارسوله ونبيّه ، وإنّ تعيين موعد نزول العذاب بيده فقط.