القرآن رحمة إلهية كبرى : لقد جاءت في بعض الآيات السابقة بحوث في شأن القرآن عكست جوانب من مخالفات المشركين. وفي هذه الآيات تجدد الكلام عن القرآن بهذه المناسبة أيضاً ، ففي البداية تخاطب جميع البشرية خطاباً عالمياً وشمولياً وتقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ).
لقد بيّنت هذه الآية أربع صفات للقرآن وتشرح وتبيّن أربع مراحل من مراحل تربية وتكامل الإنسان في ظل القرآن :
المرحلة الاولى : مرحلة الموعظة والنصيحة.
المرحلة الثانية : مرحلة تطهير روح الإنسان من مختلف أنواع الرذائل الأخلاقية.
المرحلة الثالثه : مرحلة الهداية التي تجري بعد مرحلة التطهير.
المرحلة الرابعة : هي المرحلة التي يصل فيها الإنسان إلى أن يكون لائقاً لأن تشمله رحمة الله ونعمته.
وتقول الآية الاخرى من أجل تكميل هذا البحث والتأكيد على هذه النعمة الإلهية الكبرى ـ أي القرآن المجيد ـ : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) ولا يفرحوا بمقدار الثروات ، وعظم المراكز ، وعزة القوم والقبيلة ، لأنّ رأس المال الحقيقي والأساس للسعادة الحقيقية هو هذا القرآن ، فهو أفضل من كل ما جمعوه ، ولا يمكن قياسه بذلك المجموع ، إذاً (هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلَالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٦٠) وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (٦١)
هو الشاهد في كل مكان : كان الحديث في الآيات السابقة عن القرآن ، والموعظة الإلهية والهداية والرحمة في هذا الكتاب السماوي ، وتتحدث هذه الآيات عن قوانين المشركين