والطمأنينة والراحة لا تحصلان إلّافي ظل الإيمان بالله.
وفي النهاية يأخذ بأيدي الناس ويغور بهم في أعماق التاريخ ، ويريهم العواقب السيئة للذين طغوا وعصوا وأبعدوا الناس عن الحق ، ويختم السورة بتهديد الكفار.
إذن فالسورة تبتدىء بالعقائد والإيمان وتنتهي بالبرامج التربوية للإنسان.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١) اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٤)
آيات الله في السماء والأرض وعالم النبات : مرّة اخرى نواجه الحروف المقطعة في بداية هذه السورة ، تنفرد عن غيرها من السور ب (المر). فمن المحتمل أنّ هذا التركيب في بداية سورة الرعد يشير إلى جمعها لمحتوى مجموعتين من السور التي تبتدىء ب (الم) و (الر).
فالآية الاولى من هذه السورة تتحدّث عن عظمة القرآن (تِلْكَءَايَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ الْحَقُّ). ولا يوجد أي شك أو ترديد في هذه الآيات ، لأنّها تبيّن عين الحقيقة للكون ونظامه المرتبط بالإنسان ، فهو حقّ لا يشوبه باطل ، ولهذا السبب فإنّ علائم الحق واضحة فيه لا تحتاج إلى براهين (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايُؤْمِنُونَ).
ثم تتطرّق السورة إلى شرح القسم المهم من أدلة التوحيد وآيات الله في الكون ، وتتجوّل بالإنسان في عرض السماوات وتريه الكواكب العظيمة وأسرار هذا النظام وحركته ، حتى يؤمن بالقدرة المطلقة والحكمة اللامتناهية (اللهُ الَّذِى رَفَعَ السَّموَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا).