هنا تضيف الآية : (وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ). ولهذا السبب فإنّه حين صدور العذاب الإلهي على قوم أو امة ، فسوف ينتهي دور المعقّبات ويتركون الإنسان عرضةً للحوادث.
«المعقّبات» : جمع «معقبة» وهي بدورها جمع «معقّب» ومعناه المجموعة التي تعمل بشكل متناوب ومستمر.
التغيير يبدأ من النفس (قانون عام) تبيّن الجملة (إِنَّ اللهَ لَايُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ) والتي جاءت في موردين متفاوتين في القرآن الكريم ، أنّها قانون عام ، وقانون حاسم ومنذر.
إنّ هذا الأصل القرآني الذي يبيّن واحداً من أهمّ المسائل الاجتماعية في الإسلام ، يؤكّد لنا أن أي تغيير خارجي للُامم مرتبط بالتغيير الداخلي لها ، وأي نجاح أو فشل يصيب الامة ناشىء من هذا الأمر ، والذين يبحثون عن العوامل الخارجية لتبرير أعمالهم وتصرفاتهم ويعتبرون القوى المستعمرة والمتسلطة هي السبب في شقائهم يقعون في خطأ كبير ، لأنّ هذه القوى الجهنمية لا تستطيع أن تفعل شيئاً إذا لم تكن لديها قدرة ومركز في داخل المجتمع.
يقول هذا الأصل القرآني : إنّنا يجب أن نثور من الداخل كي نُنهي حالة الشقاء والحرمان ، ثورة فكرية وثقافية ، ثورة إيمانية وأخلاقية ، وأثناء وقوعنا في مخالب الشقاء يجب أن نبحث فوراً عن نقاط الضعف فينا ، ونطهّر أنفسنا منها بالتوبة والرجوع إلى الله ، ونبدأ حياة جديدة مفعمة بالنور والحركة ، كي نستطيع في ظلها أن نبدّل الهزيمة إلى نصر.
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (١٣) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (١٤) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) (١٥)
قسم آخر من دلائل عظمة الله : يتطرّق القرآن الكريم مرّة ثانية إلى آيات التوحيد وعلائم العظمة وأسرار الخلقة ، فتشير أوّلاً إلى البرق : (هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا