التوحيد والشرك ، وهي تخاطب الناس من خلال دليل واضح حيث يقول تعالى : (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ).
ولإتمام البحث السابق ، ومقدمة للبحث الآتي. يقول تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ).
ثم يجيبهم بلا فاصلة وبعدّة طرق :
يقول أوّلاً : (قُلْ سَمُّوهُمْ). فكيف تجعلون هذه الموجودات التي لا تستحق حتى الأسماء والتي لا قيمة ولا أثر لها ، في عداد الخالق القادر المتعال؟
ويقول ثانياً : (أَمْ تُنَبُونَهُ بِمَا لَايَعْلَمُ فِى الْأَرْضِ).
ثالثاً : حتى أنتم لا تؤمنون بذلك في قرارة أنفسكم ، بل (أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القَوْلِ). ولهذا السبب نرى المشركين عندما تضيق بهم المشاكل الحياتية يلوذون بالله ، لأنّهم يعلمون في قلوبهم أنّ الأصنام لا يمكن أن تعمل لهم شيئاً.
رابعاً : إنّ المشركين ليس لهم إدراك صحيح ، وبما أنّهم تابعين لأهوائهم وتقليدهم الأعمى ، فإنّهم غير قادرين على أن يقضوا بالحقّ وبشكل صحيح ، ولهذا السبب ضلّوا الطريق ، يقول تعالى : (بَلْ زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).
الإضلال الإلهي إنعكاس لما يقوم به الإنسان من الأعمال السيّئة التي تجرّه إلى الضياع ، وبما أنّ هذه الخاصية قد جعلها الله سبحانه وتعالى لمثل هذه الأعمال فلذلك نسب هذا العمل إليه.
ويشير القرآن الكريم في الآية الأخيرة من هذه المجموعة إلى العقاب الأليم الذي يشملهم في الدنيا والآخرة ، الشقاء والهزيمة والحرمان وغيرها ، حيث تقول : (لَّهُمْ عَذَابٌ فِى الحَيَوةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْأَخِرَةِ أَشَقُّ). لأنّها دائمة ومستمرة ، جسدية وروحية ، وفيها أنواع الآلام.
وإذا إعتقدوا بأنّ لهم طريقاً للفرار أو سبيلاً للدفاع في مقابل ذلك ، فإنّهم في إشتباهٍ كبير ، لأنّ (وَمَا لَهُمْ مِّنَ اللهِ مِن وَاقٍ).
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ) (٣٥)
بالنظر إلى تناوب آيات هذه السورة في بيان التوحيد والمعاد وسائر المعارف الإسلامية