(قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَمَا لَنَا أَنْ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (١٢)
التوكل على الله وحده : نقرأ في هاتين الآيتين جواب الرسل على حجج المخالفين المعاندين ، وإعتراضهم على بشرية الرسل ، فكان جوابهم : (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مّثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ).
يعني لو إفترضنا أنّ الله تعالى أرسل لكم ملائكة بدل البشر ، فهي لا تمتلك شيئاً لذاتها ، فكل المواهب ومن جملتها موهبة الرسالة والقيادة هي من عند الله ، فالذي يستطيع أن يهب الملائكة هذا المقام قادر أن يعطيها للإنسان.
ثم يجيب على السؤال الثالث دون أن يجيب على الثاني ، وكأنّ الإعتراض الثاني الذي هو الإستنان بسنّة الأجداد ليس له أي أهمية وفارغ من المحتوى بحيث إنّ أيّ إنسان عاقل ـ بأقل تأمل ـ يفهم جوابه ، بالإضافة إلى أنّ القرآن الكريم قد أجاب عنه في آيات اخر.
وجواب السؤال الثالث هو أنّ عملنا ليس الإتيان بالمعاجز ، فنحن لا نجلس في مكان ونلبّي لكم المعاجز الإقتراحية وكل ما سوّلت لكم أنفسكم ، بل (وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطنٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ).
ومع ذلك فإنّ كل نبي كان يظهر لقومه المعاجز بمقدار كاف بدون أن يطلبها الناس منه ، وذلك لكي يثبت الأنبياء أحقّيتهم ولتكون المعاجز سنداً لصدقهم.
ولكي يردّ الرسل على تهديداتهم المختلفة يقولون : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
وبعد ذلك إستدل الأنبياء على مسألة التوكل حيث قالوا : (وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَينَا سُبُلَنَا).
ثم أضافوا : إنّ ملاذنا هو الله ، ملاذ لا يُقهر وهو فوق كل شيء : (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَاءَاذَيْتُمُونَا). وأخيراً أنهوا كلامهم بهذه الجملة : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكّلُونَ).
المقصود من التوكل أن لا يحسّ الإنسان بالضعف في مقابل المشكلات العظيمة ، بل