نعم (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَرُّونَ).
وبما أنّ أحد أفضل الطرق لتوضيح المسائل هو الاستفادة من طريق المقابلة والمقايسة ، فقد جعلت النقطة المقابلة للشجرة الطيبة ، الشجرة الخبيثة (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ).
والكلمة «الخبيثة» هي كلمة الكفر والشرك ، وهي القول السيء والرديء ، وهي البرنامج الضال والمنحرف ، والناس الخبثاء ، والخلاصة : هي كل خبيث ونجس.
ومن الطريف أنّ القرآن الكريم فصّل الحديث في وصف الشجرة الطيّبة بينما إكتفى في وصف الشجرة الخبيثة بجملة قصيرة واحدة (اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ). وهذا نوع من لطافة البيان أن يتابع الإنسان جميع خصوصيات ذكر «المحبوب» بينما يمرّ بسرعة في جملة واحدة بذكر «المبغوض».
وبما أنّ الآيات السابقة جسّدت حال الإيمان والكفر ، الطيب والخبيث من خلال مثالين صريحين ، فإنّ الآية الأخيرة تبحث نتيجة عملهم ومصيرهم النهائي ، يقول تعالى : (يُثَبّتُ اللهُ الَّذِينَءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الحَيَوةِ الدُّنْيَا وفِى الْأَخِرَةِ). لأنّ إيمانهم لم يكن إيماناً سطحياً وشخصيتهم لم تكن كاذبة ومتلوّنة.
فهنا يثبّتون بالإيمان ويبرؤون من الذنوب ، وهناك يُخلدون في النعيم المقيم.
ثم يشير إلى النقطة المقابلة لهم : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ).
قلنا مراراً : إنّ الهداية والضلال التي تنسب إلى الله عزوجل لا تتحققان إلّابأن يرفع الإنسان القدم الأوّل لها ، فالله عزوجل عندما يسلب المواهب والنعم من العبد أو يمنحها له يكون ذلك بسبب إستحقاقه أو عدم إستحقاقه.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) (٣٠)
نهاية كفران النعم : الخطاب في هذه الآيات موجّه للرسول صلىاللهعليهوآله وهو في الحقيقة عرض لواحد من موارد «الشجرة الخبيثة». يقول تعالى أوّلاً : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ