كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ). هؤلاء هم جذور الشجرة الخبيثة وقادة الكفر والإنحراف.
مع أنّ بعض المفسرين الكبار عند متابعتهم للروايات الإسلامية فسّروا ـ أحياناً ـ هذه النعمة بوجود النبي صلىاللهعليهوآله وأحياناً اخرى بالأئمة عليهمالسلام وفسّروا الكافرين بهذه النعمة ب «بني اميّة» و «بني المغيرة» مرّةً ، ومرّةً اخرى جميع الكفار الذين عاصروا عهد النبي صلىاللهعليهوآله ، ولكن من المسلم به أنّ للآية مفهوماً أوسع من هذا ، وليس مختصاً بمجموعة معينة ، بل تشمل جميع الأفراد الذين يكفرون بالنعم الإلهية.
ثم إنّ القرآن الكريم يُفسّر دار البوار بقوله تعالى : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) (١).
ثم يشير في الآية الاخرى إلى واحدة من أسوأ أنواع كفران النعم (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ). لكي يستفيدوا عدّة أيام من حياتهم المادية ومن رئاستهم وحكومتهم في ظل الشرك والكفر لإضلال الناس عن طريق الحق.
أيّها النبي : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ). فحياتكم هذه شقاء ورئاستكم فاسدة.
«أنداد» : جمع «ندّ» بمعنى «المثل» ولكن الراغب في مفرداته والزبيدي في تاج العروس قالا : إنّ «الندّ» يقال للشيء الذي يشابه الشيء الآخر جوهرياً ، و «المثل» : يطلق على كل شيء شبيه لشيء ، ولذلك فالندّ له معنى أعمق وأدقّ من المثل.
وطبقاً لهذا المعنى نستفيد من الآية أعلاه أنّ أئمة الكفر كانوا يسعون لأن يجعلوا لله شركاء ويشبهوهم في جوهر ذاتهم بالله عزوجل ، لكي يضلوا الناس عن عبادة الله ويحصلوا على مقاصدهم الشريرة.
(قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (٣١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (٣٣) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤)
__________________
(١) «يصلون» : من «الصلي» بمعنى الإشتعال والإحتراق بالنار.