فهؤلاء كانوا يعتقدون بكمال عقولهم ويعدّون الآخرين من الحمقى ، فأصبحوا اليوم مدهوشين لدرجة أنّ نظرهم نظر المجانين ، بل الأموات ... نظر جاف عديم الروح ومليء بالرعب والفزع ....
نعم ، عندما يريد القرآن الكريم أن يصوّر منظراً أو يجسّم موقفاً يستخدم أقصر العبارات في أكمل بيان كما في الآية أعلاه.
ولكي لا يعتقد أحد أنّ هذه المجازات تتعلق بمجموعة معينة ، يقول تعالى لنبيه الكريم : (وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ تَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) حتى نستفيد من هذه الفرصة ثم (نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) ولكن هيهات إنّ ذلك محال (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ * وَسَكَنتُمْ فِى مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ). فكلّ هذه الدروس لم تؤثّر بكم وأدمتم ظلمكم وجوركم ، والآن وبعد أن وقعتم في يد العدالة تطلبون تمديد المدّة؟ لقد إنتهى كل شيء.
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (٤٦) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٥١) هذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (٥٢)
لا فائدة من مكرهم : أشارت الآيات السابقة إلى نوع من عقاب الظالمين ، وفي هذه الآيات أيضاً أشارت ـ أوّلاً ـ إلى جزء من أفعالهم ، ومن ثم إلى قسم آخر من جزائهم الشديد وعقابهم الأليم. تقول الآية الاولى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ).
لقد عملوا كل ما بوسعهم من أجل طمس حقائق الإسلام ، بدءً من الترغيب والتهديد وحتى الأذى ومحاولات القتل والإغتيال وبثّ الشائعات ، ومع كل ذلك فإنّ الله مطلع على