«المد» : في الأصل بمعنى التوسعة والبسط ، ومن المحتمل أن يراد به إخراج القسم اليابس من الأرض من تحت الماء.
ثم يتطرق إلى خلق الجبال بما تحمله من منافع جمّة كآية من آيات التوحيد : (وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ).
عبّر سبحانه عن خلق الجبال بالإلقاء ، ولعلّ المراد ب «إلقاء» هنا بمعنى (إيجاد).
ومن بديع خلق الجبال إضافةً إلى كونها أوتاداً لتثبيت الأرض وحفظها من التزلزل نتيجة الضغط الداخلي ، فإنّها تقف كالدرع الحصين في مواجهة قوّة العواصف ، بل وتعمل على تنظيم حركة الهواء وتعيين اتجاهه ، ومع ذلك فهي المحل الأنسب لتخزين المياه على صورة ثلوج وعيون.
ثم ينتقل إلى العامل الحيوي الفعال في وجود الحياة البشرية والحيوانية ، ألا وهو النبات : (وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ شَىْءٍ مَّوْزُونٍ).
يتنوع على وجه البسيطة مئات الآلاف من النباتات ، وكل تحمل خواصاً معينة ولها من الآثار ما يميّزها عن غيرها ، وهي باب لمعرفة الباريء المصوّر جلّ شأنه ، وكل ورقة منها كتاب ينطق بمعرفة الخالق.
وبما أنّ وسائل وعوامل حياة الإنسان غير منحصرة بالنبات والمعادن فقط ، ففي الآية التالية يشير القرآن الكريم إلى جميع المواهب بقوله : (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ).
ليس لكم فقط ، بل لجميع الكائنات الحيّة حتى الخارجة عن مسؤوليتكم (وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ).
نعم ، لقد كفينا الجميع احتياجاتهم.
«معايش» : جمع «معيشة» وهي الوسائل والمستلزمات التي تتطلبها حياة الإنسان ، والتي يحصل عليها بالسعي تارة ، وتأتيه بنفسها تارة اخرى.
أمّا آخر آية من الآيات المبحوثة ، فتحوي جواباً لسؤال طالما تردد على أذهان كثير من الناس ، وهو : لماذا لم تهيّأ النعم والأرزاق بما لا يحتاج إلى سعي وكدح؟! فتنطق الحكمة الإلهية جواباً : (وَإِن مّن شَىْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ). فليست قدرتنا محدودة حتى نخاف نفاد ما نملك ، وإنّما منبع ومخزن وأصل كل شيء تحت أيدينا ، وليس من الصعب علينا خلق أيّ شيء وبأيّ وقت يكون ، ولكن الحكمة إقتضت أن يكون كل شيء في هذا