ومن خلال ما بيّنته الآيات في سورة هود ، فإنّهم لم ينصاعوا للحق ولم ينصتوا لداعيه حتى جاءهم عذاب الله المهلك.
وورد ذكرهم مفصّلاً في الآيات (١٧٦) حتى (١٩٠) من سورة الشعراء.
أمّا «أصحاب الحجر» فهم قومٌ عُصاة عاشوا مرفّهين في بلدة تدعى «الحجر» وقد بعث الله إليهم نبيّه صالح عليهالسلام لهدايتهم.
ويقول القرآن عنهم : (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ).
هذه البلدة كانت على طريق القوافل بين المدينة والشام في منزل يسمّى (وادي القرى) في جنوب (تيماء) ولا أثر لها اليوم تقريباً.
ومن الجدير ذكره أنّ القرآن الكريم ذكر مسألة تكذيب الأنبياء في خبر أصحاب الحجر (وكذلك قوم نوح وقوم شعيب وقوم لوط في الآيات ١٠٥ و ١٢٣ و ١٦٠ من سورة الشعراء) بالإضافة إلى أقوام اخر كذّبت الأنبياء عليهمالسلام والواضح من خلال ظاهر القصص أنّ لكل قوم كان نبي واحد لا أكثر.
ولعل مجيء هذا التعبير (المرسلين) في هذه الآية ، باعتبار أنّ الأنبياء لهم برنامج واحد وهدف واحد ، وبينهم درجة من الصلة بحيث إنّ تكذيب أيّ منهم هو تكذيب للجميع.
ويستمر القرآن بالحديث عن «أصحاب الحجر» : (وَءَاتَيْنَاهُمْءَايَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ). وموقف الإعراض المشار إليه ـ كما يبدو ـ هو عدم إستعدادهم لسماع الآيات والتفكّر بها.
وتشير الآية إلى أنّهم كانوا من الجدّ والدقّة في امور معاشهم وحياتهم الدنيوية حتى أنّهم (وَكَانُوايَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًاءَامِنِينَ).
وهو ما يبيّن لنا أنّ منطقتهم كانت جبليّة ، بالإضافة إلى ما توصّلوا إليه من مدنية متقدمة ، حيث أصبحوا يبنون بيوتهم داخل الجبال ليأمنوا من السيول والعواصف والزلازل.
والعجيب من أمر الإنسان ، أنّه يحزم أمره لتجهيز وتحصين مستلزمات حياته الفانية ، ولا يعير أيّ اهتمام لحياته الباقية ، حتى يصل به المآل لأن لا يكلّف نفسه بسماع آيات الله والتفكر بها.
وأيّ عاقبة ينتظرون بعد عنادهم وكفرهم غير أن يطبّق عليهم القانون الإلهي