(كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) (١٥٢)
القسم الخامس من قصص الأنبياء في هذه السورة ، هو قصة «ثمود» الموجزة القصيرة ، ونبيّهم «صالح» الذين كانوا يقطنون في «وادي القرى» بين المدينة والشام ، وكانت حياتهم مترفة مرفهة.
وبداية القصة هذه مشابهة لبداية قصة عاد (قوم هود) وبداية قصة نوح وقومه ، وهي تكشف كيف يتكرر التاريخ ، فتقول : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ).
وبعد ذكر هذا الإجمال يفصّل القرآن ما كان بين صلاح وقومه ، فيقول : (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صلِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ).
ثم يقول لهم معرفاً نفسه : (إِنّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) وسوابقي معكم شاهد مبين على هذا الأمر (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ). إذ لا أريد إلّارضا الله والخير والسعادة لكم.
ولذلك فأنا لا أطلب عوضاً منكم في تبليغي إيّاكم ، (وَمَا أَسَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ) ، فأنا أدعوكم له ، وأرجو الثواب منه سبحانه.
ثم يضع «صالح» اصبعه على نقاط حساسة من حياتهم ، فيتناولها بالنقد ويحاكمهم محاكمة وجدانية ، فيقول : (أَتُتْرَكُونَ فِى مَا ههُنَاءَامِنِينَ).
وتتصورون أنّ هذه الحياة المادية التي تستغفل الإنسان دائمة له.
وبالأسلوب المتين ، اسلوب الإجمال والتفصيل ، يشرح النبي صالح لقومه تلك الجملة المغلقة والمجملة بقوله : وتحسبون أنّكم مخلّدون (فِى جَنتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ) (١).
__________________
(١) «الطلع» : مأخوذ من مادة «الطلوع» ويستعمل في ما يكون منه الرطب بعدئذ ، وقد يستعمل الطلع في الثمرة ـ