فما عسى أن تكون عاقبته؟
إلّا أنّهم أجابوه على الفور : (قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا) فلا تحزن عليه ، لأنّنا لا نحرق «الأحضر واليابس» معاً ، وخطتنا دقيقة ومحسوبة تماماً ... ثم أضافوا : (لَنُنَجّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ).
إنتهى كلام الملائكة مع إبراهيم هنا ، وتوجهوا إلى ديار لوط عليهالسلام وقومه ، يقول القرآن في هذا الشأن : (وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِىءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا).
فقد جاؤوا إليه بهيئة فتيان ذي وجوه مليحة ، ومجيء أمثال هؤلاء الضيوف في مثل هذا المحيط الملوّث ، ربّما كان يجرّ على لوط الوبال.
«سيء» : مشتقة من «ساء» ومعناه سوء الحال ؛ و «الذرع» : معناه «القلب» «الخلق» ، فعلى هذا يكون معنى (ضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا) أي ضاق قلبه وانزعج.
إلّا أنّ الضيوف حين أدركوا عدم إرتياحه كشفوا عن «هويّتهم» وعرفوا أنفسهم ورفعوا عنه الحزن : (وَقَالُوا لَاتَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ).
وبعد هذا ، ولكي تتضح خطة عملهم في شأن عاقبة هؤلاء القوم المنحرفين أكثر ، أضافوا : (إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ).
والمراد ب «القرية» هي «سدوم» من قرى قوم لوط عليهالسلام.
والمراد من «الرجز» هنا هو العذاب.
وهنا لم يذكر القرآن كيفية العذاب الأليم ، سوى أنّه قال : (وَلَقَدْ تَّرَكْنَا مِنْهَاءَايَةً بَيّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
إلّا أنّ في سورة هود الآية (٨٢) منها وكذلك سورة الأعراف الآية (٨٤) منها ، تفصيلاً في بيان العذاب ، وهو أنّه أصابت قراهم في البداية زلزلة شديدة فجعلت عاليها سافلها ، ثم أمطرت عليها حجارة من السماء.
* * *