الثانية : (فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا).
الثالثة : (فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا).
إنّ المعروف والمشهور هو أنّ هذه الصفات تخصّ طوائف من الملائكة ...
طوائف اصطفّت في عالم الوجود بصفوف منظمة ، وهي مستعدّة لتنفيذ الأمر الإلهي.
وطوائف من الملائكة تزجر بني آدم عن إرتكاب المعاصي والذنوب ، وتحبط وساوس الشياطين في قلوبهم ، أو الملائكة الموكّلة بتسيير السحاب في السماء وسوقها نحو الأرض اليابسة لإحيائها.
وأخيراً طوائف من الملائكة تتلو آيات الكتب السماوية حين نزول الوحي على الرسل.
«الصافّات» : هي جمع كلمة «صافّة وهي بدورها تحمل صفة الجمع أيضاً ، وتشير إلى مجموعة مصطفّة ، إذن ف «الصافّات تعني الصفوف المتعددة.
و «الزاجرات» : مأخوذة من «الزجر» ويعني الصرف عن الشيء بالتخويف والصراخ ، وبمعنى أوسع فإنّها تشمل كل منع وطرد وزجر للآخرين.
إذن فالزاجرات تعني مجاميع مهمّتها نهي وصرف وزجر الآخرين.
الآن نرى ما هو المراد من هذه الأقسام المفعمة بالمعاني ، أي القسم بالملائكة والإنس؟الآية التالية توضّح ذلك وتقول : (إِنَّ إَلهَكُمْ لَوَاحِدٌ).
قسم بتلك المقدسات التي ذكرناها فإنّ الأصنام ستزول وتدمّر ، وإنّه ليس هناك من شريك ولا شبيه ولا نظير لله سبحانه وتعالى.
ثم يضيف : (رَّبُّ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ).
فالشمس في كل يوم تشرق من مكان غير المكان الذي أشرقت منه قبل يوم أو بعد يوم ، والفواصل الموجودة بين هذه النقاط منظمة ودقيقة للغاية ، حيث إنّها لا تزيد ولا تقلّ بمقدار ١١٠٠٠ من الثانية ، وهذا التنظيم الدقيق موجود منذ ملايين السنين ، كما أنّ هذا النظام ينطبق على ظهور وغروب النجوم.
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) (١٠)