وإحدى دلائل عظمة هذا الذبح ، هو إتّساع نطاق هذه العملية سنة بعد سنة بمرور الزمن ، وحالياً يذبح في كل عام أكثر من مليون اضحية تيمّناً بذلك الذبح العظيم وإحياءاً لذلك العمل العظيم.
النجاح الذي حقّقه إبراهيم عليهالسلام في الإمتحان الصعب ، لم يمدحه الله فقط ذلك اليوم ، وإنّما جعله خالداً على مدى الأجيال : (وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الْأَخِرِينَ).
ولما إمتاز به إبراهيم عليهالسلام من صفات حميدة ، خصّه الباريء عزوجل بالسلام : (سَلمٌ عَلَى إِبْرهِيمَ).
نعم ، إنّا كذلك نجزي ونثيب المحسنين : (كَذلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ). جزاء يعادل عظمة الدنيا ، جزاء خالد على مدى الزمان ، جزاء يجعل من إبراهيم أهلاً لسلام الله عزوجل عليه.
من هو ذبيح الله؟ ظاهر آيات القرآن الكريم المختلفة تؤكّد على أنّ إسماعيل هو ذبيح الله.
وجاء في روايات عن الإمامين المعصومين الباقر والصادق عليهماالسلام ، أنّهما أجابا على أسئلة تستفسر عن الذبيح ، فأجابا أنّه إسماعيل.
(إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) (١١٣)
إبراهيم ذلك العبد المؤمن : الآيات الثلاث المذكورة أعلاه هي آخر الآيات التي تواصل الحديث عن قصة إبراهيم وإبنه وتكملها. في البداية تصف الآية القرآنية إبراهيم : (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).
إنّ هذه الآية دليل على ما ذكر فيما قبل ، كما توضّح حقيقة مفادها أنّ إيمان إبراهيم القوي دفعه إلى أن يضع كل وجوده وكيانه وحتى إبنه العزيز البارّ ، في صحن الإخلاص فداءً لربّه سبحانه وتعالى.
ثم تتناول هذه الآيات نعمة اخرى من النعم التي وهبها الله تعالى لإبراهيم : (وَبَشَّرْنهُ بِإِسْحقَ نَبِيًّا مّنَ الصَّالِحِينَ).
الآية الأخيرة تتحدث عن البركة التي أنزلها الباريء جلّ وعلا على إبراهيم وإبنه إسحاق : (وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحقَ).
«بركة» : مشتقة من «برك» على وزن (درك) وتعني صدر البعير ، وتدريجياً أعطت هذه