الكلمة معنى الثبات وبقاء شيء ما ؛ والآية مورد بحثنا تشير إلى ثبات ودوام النعم الإلهية على إبراهيم وإسحاق وعلى اسرتهم.
وهذه البركات لا تشمل كل أفراد عائلة إبراهيم وعشيرته ، وإنّما تشمل ـ فقط ـ المؤمنين والمحسنين منهم ، إذ تقول الآية في آخرها : (وَمِن ذُرّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لّنَفْسِهِ مُبِينٌ).
«محسن» : جاءت هنا بمعنى المؤمن والمطيع لله ؛ و «ظالم» : جاءت هنا بمعنى الكافر والمذنب. فالآية المذكورة أعلاه تجيب اليهود والنصارى الذين افتخروا بكونهم من أبناء الأنبياء ، وتقول لهم : إنّ صلة القربى لوحدها ليست مدعاة للإفتخار ، إن لم ترافقها صلة في الفكر والالتزام بالرسالة.
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (١٢٢)
النعم التي منّ بها الله على موسى وهارون : الآيات المباركة هذه تشير إلى جوانب من النعم الإلهية التي أغدقها الله جلّ شأنه على موسى وأخيه هارون.
الآية الاولى تشير إلى قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهرُونَ).
«المنّة» : في الأصل من «المنّ» ويعني الحجر الذي يستعمل للوزن ، ثم أطلق على النعم الكبيرة والثقيلة ، فلو كانت لها جنبة عملية وموضوعية فالمنّة جميلة ومحمودة ، ولو إقتصرت على اللفظ والكلام فهي سلبية ومذمومة.
إنّ الله سبحانه وتعالى أنعم على الأخوين موسى وهارون بنعمة عظيمة. أمّا الآيات التي تلتها فتشرح سبعة من هذه النعم ، وكل واحدة منها أفضل من اختها. ففي المرحلة الاولى ، يقول سبحانه وتعالى : (وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).
فهل هناك قلق أكثر من هذا ، وهو أنّ بني إسرائيل يعيشون في قبضة الفراعنة المتجبّرين