الطغاة؟ يذبحون أولادهم ويسخّرون نساءهم في خدمتهم ، ويستعبدون رجالهم ويستعملونهم في الأعمال الشاقّة.
وفي المرحلة الثانية ، قال الباريء عزوجل : (وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ).
ففي ذلك اليوم كان جيش الفراعنة ذا قوّة عظيمة ويتقدّمه الطاغية فرعون ، فيما كان بنو إسرائيل قوم ضعفاء وعاجزين يفتقدون لرجال الحرب وللسلاح أيضاً ، إلّاأنّ المدد الإلهي وصلهم في تلك اللحظات ، وأغرق فرعون وجيشه وسط أمواج البحر ، وأورث بني إسرائيل قصور وثروات وحدائق وكنوز الفراعنة.
وفي المرحلة الثالثة من مراحل إغداق النعم على بني إسرائيل وشمولهم بعنايته ، جاء في محكم كتابه العزيز : (وَءَاتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ).
نعم (التوراة) هو كتاب مستبين ، أي يوضّح لهم المجهولات المبهمة ، ويجيبهم على كل ما يحتاجونه في دينهم ودنياهم ، كما أكّدت الآية (٤٤) من سورة المائدة ذلك : (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَيةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ).
وفي المرحلة الرّابعة أشار القرآن الكريم إلى نعمة معنوية اخرى منّ بها جلّ شأنه على موسى وهارون ، وهي هدايتهما إلى الصراط المستقيم ، (وَهَدَيْنَاهُمَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).
أمّا (المرحلة الخامسة) فإنّها أكّدت على استمرار رسالتهما والثناء الجميل عليهما ، إذ تقول الآية : (وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِى الْأَخِرِينَ).
والمرحلة السادسة تستعرض التحيّة الطيّبة المباركة التي وردت إلى كل من موسى وهارون من عند الله : (سَلمٌ عَلَى مُوسَى وَهرُونَ).
سلام من عند الله ، السلام الذي هو رمز لسلامة الدين والإيمان والرسالة والمذهب ، السلام الذي يوضّح النجاة والأمن من العقاب والعذاب في هذه الدنيا وفي الآخرة.
وفي المرحلة السابعة ـ الأخيرة ـ نصل إلى مرحلة الثواب والمكافأة الكبرى التي يقدّمها الباريء عزوجل إليهما : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ).
نعم إنّ حصولهما على كل هذه المفاخر لم يكن من دون دليل أو سبب ، إذ كانا من المحسنين والمؤمنين والمخلصين والطيّبين ، فمثل هؤلاء جديرون بالثواب والمكافأة.
الآية الأخيرة في بحثنا تشير إلى نفس الدليل الذي ورد في قصة نوح وإبراهيم من قبل : (إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).