نعم ، ينبغي لنا مراجعة كلمات الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله وخطب علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وأدعية الإمام عليّ بن الحسين عليهالسلام في صحيفته ، كي نستنير بضياء وصفهم له جلّ وعلا.
فأمير المؤمنين عليهالسلام ـ في الخطبة ١٨٦ في نهج البلاغة ـ يصف الله عزوجل بالقول : «لا تناله» الأوهام فتقدّره ، ولا تتوهّمه الفطن فتصوّره ، ولا تدركه الحواسّ فتحسّه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسّه ، ولا يتغيّر بحال ، ولا يتبدّل في الأحوال ، ولا تبليه الليالي والأيّام ، ولا يغيّره الضياء والظّلام ، ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيريّة والأبعاض ، ولا يقال : له حدّ ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية.
أمّا الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام ، فقد قال في الدعاء الأوّل في الصحيفة السجّادية : «الحمد لله الأوّل بلا أوّل كان قبله ، والآخر بلا آخر يكون بعده ، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين وعجزت عن نعته أوهام الواصفين».
(فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١٧٠)
الإدّعاءات الكاذبة : الآيات السابقة تحدثت عن الآلهة المختلفة التي كان المشركون يعبدونها ، أمّا الآيات ـ مورد بحثنا الآن ـ فتتابع ذلك الموضوع ، حيث توضّح في كل بضع آيات موضوعاً يتعلق بهذا الأمر.
بداية البحث تؤكّد الآيات على أنّ وساوس عبدة الأصنام لا تؤثّر في الطاهرين والمحسنين ، وإنّما قلوبكم المريضة وأرواحكم الخبيثة هي التي تستسلم لتلك الوساوس. قال تعالى : (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ).
نعم ، أنتم وما تعبدون لا تستطيعون خداع أحد بوسائل الفتنة والفساد عن الطريق المؤدّي إلى الله (مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ). إلّااولئك الذين يريدون أن يحترقوا في نار جهنم (إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ).
بعد إنتهاء بحثنا حول الآيات الثلاث السابقة التي وضّحت مسألة إختيار الإنسان في مقابل فتن وإغراءات عبدة الأصنام ، نواصل بحثنا حول الآيات الثلاث التالية والتي تتناول