المرتبة العالية لملائكة الله ، وتقول مخاطبة عبدة الأصنام : إنّ الملائكة التي كنتم تزعمون أنّها بنات الله لها مقام معيّن ، والجميل في هذه العبارة أنّ الملائكة هي التي تتحدث عن نفسها (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ).
وتضيف ملائكة الرحمن : وإنّنا جميعاً مصطفون عند الله في إنتظار أوامره ، (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ).
وإنّنا جميعاً نسبّحه ، وننزّه عمّا لا يليق بساحة كبريائه : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبّحُونَ).
نعم ، نحن عباد الله ، وقد وضعنا أرواحنا على الأكف بإنتظار سماع أوامره ، إنّنا لسنا أبناء الله ، إنّنا ننزّه الباريء عزوجل من تلك المزاعم الكاذبة والقبيحة.
إنّ الآيات المذكورة أعلاه أشارت إلى ثلاث صفات من صفات الملائكة :
الاولى : أنّ لكل واحد منهم مقام معيّن ومشخص ليس له أن يتعدّاه.
والثانية : أنّهم مستعدّون دائماً لإطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى وتنفيذها في عالم الوجود.
والثالثة : أنّهم يسبّحون الله دائماً وينزّهونه عمّا لا يليق بساحة كبريائه.
الآيات الأربع الأخيرة من هذا البحث تشير إلى أحد الأعذار الواهية التي تذرّع بها المشركون فيما يخصّ هذه القضية وعبادتهم للأصنام ، وتجيب عليهم قائلة : (وَإِن كَانُوا لَيَقُولُونَ).
(لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مّنَ الْأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).
الآية التالية تقول : لقد تحقق ما كانوا يأملونه ، إذ أنزل عليهم القرآن المجيد الذي هو أكبر وأعظم الكتب السماوية ، إلّاأنّ هؤلاء الكاذبين في إدّعاءاتهم كفروا به ، ولم يفوا بما قالوا ، واتّخذوا موقفاً معادياً إزاءه ، فسيعلمون وبال كفرهم (فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ) (١٧٧)
حزب الله هو المنتصر : لا زلنا نتابع البحث في آيات هذه السورة المباركة ، والتي شارفت على الإنتهاء ، بعد أن إستعرضنا في الأبحاث السابقة جهاد الأنبياء العظام والمصاعب