والعراقيل التي أثارها وأوجدها المشركون ، ففي آيات بحثنا الحالي سنتطرّق لأهمّ القضايا الواردة في هذه السورة ، إذ زفّت البشرى للمؤمنين بإنتصار جيش الحق على جيش الشيطان. الوعد الإلهي الكبير هذا إنّما جاء لبعث الأمل في صفوف المؤمنين في صدر الإسلام الذين كانوا لحظة نزول هذه الآيات يرزحون تحت ضغوط أعداء الإسلام في مكة ، ولكل المؤمنين والمحرومين في كل زمان ومكان ، والإستعداد لجهاد ومقاومة جيوش الباطل : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ).
(وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ). الوعد الإلهي من أهمّ الامور التي ينتظرها السائرون في طريق الحق بإشتياق ، حيث يستمدّون منه القوى الروحية والمعنوية.
ولمواساة النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين ، وللتأكيد على أنّ النصر النهائي سيكون حليفهم ، وفي نفس الوقت لتهديد المشركين ، جاءت الآية التالية لتقول : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ).
ويؤكّد القرآن الكريم التهديد الأوّل بتهديد آخر جاء في الآية التي تلتها ، إذ تقول : انظر إلى لجاجتهم وكذبهم وإعتقادهم بالخرافات ، إضافةً إلى حمقهم ، فإنّهم سيرون جزاء أعمالهم القبيحة عن قريب : (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ).
وسوف ترى في القريب العاجل إنتصارك وإنتصار المؤمنين وإنكسار وهزيمة المشركين المذلّة في الدنيا.
وعن تكرار اولئك الحمقى لهذا السؤال على رسول الله صلىاللهعليهوآله أين العذاب الإلهي الذي واعدتنا به؟ وإن كنت صادقاً ، فلِم هذا التأخير؟
يردّ القرآن الكريم عليهم بلهجة شديدة مرافقة بالتهديد ، قائلاً : اولئك الذين يستعجلون العذاب وأحياناً يتساءلون (متى هذا الوعد؟) ، وأحياناً اخرى يقولون متسائلين (متى هذا الفتح؟) : (أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ).
فعندما ينزل عذابنا عليهم ، ونحيل صباحهم إلى ظلام حالك ، فإنّهم في ذلك الوقت سيفهمون كم كان صباح المنذرين سيّئاً وخطيراً (فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ).
استخدام عبارة (ساحة) والتي تعني فناء البيت أو الفضاء الموجود في وسط البيت ، جاء ليجسّم لهم نزول العذاب في وسط حياتهم ، وكيف أنّ حياتهم الطبيعية ستتحوّل إلى حياة موحشة ومضطربة.