كتاب الهداية والشفاء : قام الكفار والمشركون بمحاربة رسول الله صلىاللهعليهوآله وتكذيبه ، والتصدّي للاسلام والقرآن. والآيات السابقة كانت تحكي عن إلحادهم وكفرهم بآيات الله لذلك جاءت الآية الاولى من الآيات التي بين أيدينا لمواساة النبي صلىاللهعليهوآله وارشاد المسلمين الذين يواجهون الأذى بأن لا محيص لهم عن الاستقامة والصبر. يقول تعالى : (مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ).
فإذا كانوا يتهمونك بالجنون والكهانة والسحر ، فقد أطلقوا هذه الأوصاف على من قبلك من الأنبياء والمرسلين.
إنّ دعوتك لدين الحق ليست جديدة ، وإنّ ما تواجهه وأنت تدعو للدين الجديد ليس جديداً أيضاً ، لذلك ما عليك ـ يا رسول الله ـ إلّاأن ترابط بقوّة وتلزم ما أنت عليه ولا تهتم بكلام هؤلاء ، لأنّ الله معك.
يقول الله تبارك وتعالى في نهاية الآية : (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ).
فرحمته ومغفرته للمصدّقين ، وعذابه للمكذبين والمعارضين.
الآية التي بعدها تتحدث عن ذرائع هؤلاء المعاندين ، وترد على واحدة منها ، إذ كانوا يقولون : لماذا لم ينزل القرآن بلسان الأعاجم حتى نهتم به أكثر ويستفيد منه غير العرب؟
وهنا يجيب القرآن على هذا القول بقوله : (وَلَوْ جَعَلْنهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصّلَتْءَايَاتُهُ).
ثم يضيفون : يا للعجب قرآن أعجمي من رسول عربي؟ : (ءَأَعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ).
أو يقولون : كتاب أعجمي لُامّة تنطق بالعربية؟!
«أعجمي» : من «عجمة» وتعني عدم الفصاحة والإبهام في الكلام ، وتطلق «عجم على غير العرب لأنّ العرب لا يفهمون كلامهم بوضوح ، وتطلق «أعجم على من لا يجيد الحديث والكلام سواء كان عربياً أم غير عربي.
ثم يخاطب القرآن الرسول صلىاللهعليهوآله بالقول : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَءَامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ).
أمّا لغيرهم : (وَالَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ فِىءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ). أي «ثقل» ولذلك لا يدركونه.
ثم إنّه : (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى). أي إنّهم لا يرونه بسبب عماهم ، فهؤلاء كالأشخاص الذين ينادون من بعيد : (أُولئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ).
الآية التالية تستمر في مواساة رسول الله صلىاللهعليهوآله والمؤمنين معه وتقول لهم : إنّ للعناد