بعد هذه التعليمات الخمس ، تشير إلى المشتركات بين الأقوام والتي تتلخص بخمس فقرات ، حيث تقول : (اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ). وكل واحد مسؤول عن أعماله : (لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ). (لَاحُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ).
إضافة إلى ذلك فإنّنا جميعاً سوف نجتمع في مكان واحد : (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا).
والذي سوف يقضي بيننا في ذلك اليوم هو الأحد الذي : (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ).
وعلى هذا الأساس فإنّ إلهنا واحد ، ونهايتنا ستكون في مكان واحد ، والقاضي الذي إليه المصير واحد ، وبالرغم من كل هذا فإنّنا مسؤولون جميعاً حيال أعمالنا ، وليس هناك فرق لإنسان على آخر إلّابالإيمان والعمل الصالح.
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) (١٨)
الآيات السابقة كانت تتحدث عن واجبات النبي صلىاللهعليهوآله ، كاحترامه لمحتوى الكتب السماوية ، وتطبيق العدالة بين جميع الناس وترك أيّ محاججة أو خصومة بينه وبينهم ، أمّا الآيات التي نبحثها ، فلكي تكمّل البحث السابق وتثبت أنّ حقانية نبي الخاتم لا تحتاج إلى دليل ، تقول : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِى اللهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبّهِمْ).
وبما أنّ نقاشهم ومحاججتهم ليس لكشف الحقيقة ، بل للعناد والإصرار تقول الآية : (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ).
(وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ) لعدم وجود غير هذا الجزاء للمعاندين.
والمقصود من جملة (مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ) هو استجابة عامة الناس من ذوي القلوب الطاهرة ، والذين ليست لهم نوايا خبيثة ، ويستسلمون للحق ويخضعون له مستلهمين ذلك من الفطرة الإلهية ومشاهدة محتوى الوحي والمعاجز المختلفة للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله.