أبو حمزة الثمالي في تفسيره : حدّثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبدالله بن عباس : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها : نأتي رسول الله صلىاللهعليهوآله فنقول له : إن تَعرُك امور فهذه أموالنا تحكم فيها غير حرج ولا محظور عليك. فأتوه في ذلك فنزلت : (قُلْ لَاأَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى). فقرأها عليهم وقال : «تودّون قرابتي من بعدي». فخرجوا من عنده مسلّمين لقوله. فقال المنافقون : إنّ هذا الشيء افتراه في مجلسه أراد بذلك أن يذلّلنا لقرابته من بعده. فنزلت : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا). فأرسل إليهم فتلاها عليهم فبكوا واشتدّ عليهم فأنزل الله : (وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَن عِبَادِهِ) الآية. فأرسل في أثرهم فبشّرهم وقال : (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَءَامَنُوا) وهم الذين سلّموا لقوله.
التّفسير
أجر الرسالة في مودّة أهل البيت عليهمالسلام : بما أنّ الآية (١٣) من هذه السورة كانت تتحدث عن تشريع الدين من قبل الخالق بواسطة الأنبياء اولي العزم ، لذا فإنّ أوّل آية في هذا البحث ـ كاستمرار للموضوع ـ تقول في مجال نفي تشريع الآخرين ، وأنّ جميع القوانين ليست معتبرة قبال القانون الإلهي ، وأنّ التقنين يختص بالخالق : (أَمْ لَهُمْ شُرَكؤُا شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ).
وبعد ذلك يقوم القرآن بتهديد المشرّعين بالباطل ، حيث تقول الآية : (وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ) حيث يصدر الأمر بعذابهم.
وفي نفس الوقت يجب عليهم أن لاينسوا هذه الحقيقةوهي : (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
المقصود من (كلمة الفصل) هي المدّة المقررة المعطاة من قبل الخالق لمثل هؤلاء الأفراد ، كي تكون لهم حرية العمل وتتم الحجة عليهم.
كما أنّ عبارة (ظالمين) تتحدث عن المشركين الذين لهم عقائد منحرفة قبال القوانين الإلهية وذلك بسبب اتساع مفهوم الظلم ، وإطلاقه على أيّ عمل ليس في مورده.
ويظهر أنّ المقصود من (العذاب الأليم) هو عذاب يوم القيامة.
ثم تذكر الآية بياناً مجملاً حول (عذاب الظالمين) ثم بياناً مفصّلاً عن (جزاء المؤمنين) ، فتقول : (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِى رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ).