«روضات» : جمع (روضة) وتعني المكان الذي يشتمل على الماء والشجر الكثير ، لذا فإنّ كلمة (روضة) تطلق على البساتين الخضراء ، ونستفيد من هذه العبارة بشكل واضح أنّ بساتين الجنة متفاوتة ، والمؤمنون من ذوي الأعمال الصالحة في أفضل بساتين الجنة.
إلّا أنّ الفضل الإلهي بخصوص المؤمنين ذوي الأعمال الصالحة لا ينتهي هنا ، فسوف يشملهم اللطف الإلهي بحيث : (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبّهِمْ).
وبهذا الترتيب لا يوجد أيّ قياس بين (العمل) و (الجزاء) ، بل إنّ جزاءهم غير محدود من جميع الجهات.
والأجمل من ذلك عبارة (عِندَ رَبّهِمْ) حيث توضّح اللطف الإلهي اللامتناهي بشأنهم ، وهل هناك فوز أكبر من أن يصلوا إلى قرب مقام الخالق.
وليس غريباً أن تقول الآية في نهايتها : (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).
ولبيان عظمة هذا الجزاء تقول الآية التي بعدها : (ذلِكَ الَّذِى يُبَشّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ).
يبشرهم حتى لا تَصعُب عندهم آلام الطاعة والعبودية ومجاهدة هوى النفس والجهاد حيال أعداء الله.
وقد يتوهم أنّ نبي الخاتم صلىاللهعليهوآله يريد جزاءً وأجراً على إبلاغ هذه الرسالة ، لذا فإنّ القرآن يأمر الرسول بعد هذا الكلام ليقول : (قُلْ لَّاأَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى). أي حبّ أهل بيتي.
ومودّة ذوي القربى ومحبّتهم ترتبط بقضية الولاية وقبول قيادة الأئمة المعصومين عليهمالسلام من آل الرسول حيث تعتبر في الحقيقة استمراراً لقيادة النبي واستمراراً للولاية الإلهية ، وجليّ أنّ قبول هذه الولاية والقيادة كقبول نبوّة النبي صلىاللهعليهوآله ستكون سبباً لسعادة البشرية نفسها وستعود نتائجها إليها.
في تفسير القرطبي : في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس : لمّا أنزل الله عزوجل : (قُلْ لَّا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى) قالوا : يا رسول الله! من هؤلاء الذين نودهم؟ قال : «علي وفاطمة وأبناؤهما.